للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجهر بالتسمية تارة، وعلى ترك أصلها أخرى.

وَحَمَلَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ ذلك فيما نقله أبو عيسى الترمذي وغيره على التعبير عن السورة بذكر أولها بعد آية التسمية المشتركة كما يقال: قرأت طه ويس.

ثم هذا الاستدلالُ لا يتضح على قول من يذهب إلى أنَّ التسمية في أوائل السور ليست من القرآن؛ لأنَّ المراد من قوله: "يستفتح القراءة": قراءة القرآن لا مطلق القراءة، وحينئذٍ فالافتتاح بـ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ لا ينافي قراءة التسمية أَوَّلًا كما لا ينافي قراءة التعوذ ودعاء الاستفتاح.

وقوله: "لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ" أي: لم يرفعه، ومنه قولهم: شَخَصَ شُخُوْصًا أي: ارتفع، وشَخَصَ من البلد أي: ذهب، وأَشْخَصَ الرامي إِذا جَازَ سَهْمُه الغَرَضَ من أَعْلاه.

"وَلَمْ يُصَوِّبْهُ" في بعض الروايات بمعنى "لَمْ يَخْفِضْهُ" أيضًا، يقال: صَعَّد النظر إذا صَوَّبَهُ أي: رفعه وخفضه.

وقوله: "بَيْنَ ذَلِكَ" أي: بين الأشخاص والخفض، وكلمة: "بَيْنَ" تستدعي شيئين لكنها تدخل على اللفظة الواحدة المتناولة لشيئين، كما يقال: جلس بين القوم، وعلى ذلك حمل قول امرئ القيس:

بَيْنَ الدُّخُولِ فَحَوْمَلِ (١)

وقيل: الدخول مواضيع مختلفة وليس المراد بين الدخول وبين حومل.

والمقصود أنه يستحب في الركوع تسوية الرأس والظهر، يروى عن وَابِصَةَ بْنِ


(١) "خزانة الأدب" (١/ ٣٣٢) هذا جزء من عجز بيت وهو بطوله:
قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِل … بسِقْطِ اللِّوى بَيْنَ الدَّخولِ فحَوْمَل

<<  <   >  >>