للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُقَلِّدِ الإمام الشَّافعي صاحب المذهب في أقواله وآرائه، وإنما اجتهد في المسائل، ونظر في أدلتها من حيث القوة والضعف، فرجَّح ما كان الدليل فيه أقوى وأرجح، وضعَّف ما كان الدليل فيه مرجوجًا أو ضعيفًا.

وقد اجتهد في الفقه الشافعي وهو في اجتهاده لم يَخْرُجْ عن الذهب وأصوله ومنهجه، فوافق الإمام الشَّافِعِيَّ في مسائل كثيرة، كما خالفه في مسائل أخرى أدَّاه اجتهاده إلى ذلك، كما رجَّح في بعض المسائل القولَ القديم وترك الجديد، لأنَّ الدليل أقوى أو أنَّ في المسألة حديثًا لم يطلع عليه الإمام الشَّافِعِيُّ وهو في ذلك يسير على قول الشَّافِعِيِّ : "إذا صحَّ الحديثُ فهو مذهبي".

وقد وافق الإمام الرَّافِعِيُّ أكثرَ الأصحاب في مسائل كثيرة وخالفهم في مسائل أخرى، كما أنه وافق الأئمة الثلاثة وخالفهم، وهو في مخالفاته لهؤلاء الأئمة لم يكن يقصد الخلاف، ولكنه كان يبحث عن الدليل في المسألة ويسير معه فيؤديه ذلك إلى مخالفتهم.

قال السبكي: وقد أطبق المحققون في المذهب الشافعي على أنَّ الكتب المقدمة على الشيخين الرَّافِعِيِّ والنَّوَوِيِّ لا يُعْتَدُّ بشيءٍ منها إلَّا بعد البحث والتمحيص والتدقيق حتى يغلب على الظنِّ أنه راجح في المذهب هذا في حكم لم يتعرض له الشيخان أو أحدهما، فإن تعرض له الشيخان فالمعتمد ما اتفقا عليه، فإن اختلفا ولم يوجد لهما مرجح أو كان المرجح على السواء فالمعتمد قول المرجح (١).


(١) "طبقات الشافعية" (٨/ ٢٨٢).

<<  <   >  >>