للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مستحسنة كما ورد في التراويح، قال عليٌّ: "هذه بدعة حسنة".

وكلّ مُحدث هو مستندٌ إلى أصلٍ من أصول الدين أو مقيسٌ به فليس بمردودٍ.

وقوله: "مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ" يعني: الاختلاف والمحدثات.

وقوله: "وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ" المراد من الخلفاء الراشدين على ما اشتهر عند الخاصة والعامة الأربعة الذين ولوا الأمر بعد رسول الله ورضي عنهم.

واستدلَّ بالحديث على جواز إطلاق اسم السنة على طريقتهم كإطلاقه على طريقة النَّبِيِّ ، وعلى الفضيلة التامة لهم حيث سماهم خلفاء ووصفهم بكونهم راشدين، وعلى أنَّ الواحد منهم إذا قال قولًا وخالفه غيره من الصحابة كان المصير إلى قول الخليفة أولى، وعلى أَنَّ النَّبِيَّ كان عالمًا بأنَّهم الذين يلون الأمر بعده، وقد يستدلُّ به على أنَّ قولهم وطريقتهم حجةٌ مأخوذٌ بها؛ وذلك لأنَّ قوله: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ" ليس المراد منه أن يكون الشيء الواحد سنته وسنتهم؛ لأنَّ سُنَّتَهُ وحدها حجةٌ مأخوذٌ بها، فأشعر بأنَّ سُنَّتَهُم أيضًا كذلك.

وقوله: "عَضُّوا عَلَيْهَا بالنَّوَاجِذِ" ندبٌ إلى التَّمَسُّكِ الشَّديد كما يعضُّ الإنسان بأسنانه على الشيء احتياطًا وتحرزًا من أن يضيع، والعضُّ بالأضراس أبلغ في المنع من الانتزاع فإنَّ المأخوذ بمقاديم الأسنان أسهل تناولًا.

قال الخطابي: وقد يكون معناه الأمر بالصبر على ما يصيب من المضض عند مشاهدة العدول عن أمر الله تعالى واتباع سنة رسوله ، كما يفعله المتألم بما يصيبه من الوجع (١).

واعلم أنَّ اتباعَ سُنَّةِ رسولِ اللهِ جالبٌ لِمَحَبَّةِ الله تعالى على ما قال تعالى:


(١) "معالم السنن" (٤/ ٣٠١).

<<  <   >  >>