للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَبْقَى" (١).

ومنها المُبالَغَةُ في تَرْكِ اللَّذَّاتِ وَقَطْعِ آلات الشَّهَوَاتِ:

أَتَي عُثْمَانُ بن مَظْعُونٍ رسول الله فقال: أُرِيدُ أن أخْصِي نَفْسِي.

فقال: "مَهْلًا يا عُثْمَانُ خِصَاءُ أُمَّتِي الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ".

قال: أُرِيدُ أَلَّا أمس الطِّيبَ.

قال: "مَهْلًا يا عُثْمَانُ فإن جِبْرِيلَ أَمَرَنِي بِالطِّيبِ غبًّا وفي كُلِّ جمعة، إن الله تعالى بَعَثَنِي بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ ننام وَنَقُومُ وَنَأْكُلُ وَنَشْرَبُ وَنَضْحَكُ وَنَبْكِي وَنَأْتِي النساء، يا عُثْمَانُ لا تَرْغَبْ عن سُنَّتِي، فإن مَنْ رَغِبَ عن سُنَّتِي صَرَفَتِ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ عن حَوْضِي" (٢).

ومنها تَرْكُ التَّرَخُّصِ في مَظَنَّةِ الْحَاجَةِ:


(١) رواه البيهقي ٣/ ١٨. قال الهيثمي ١/ ٦٢: رواه البزار وفيه يحيى بن المتوكل وهو كذاب. قلت: روى أحمد ٥/ ٦٩ من حديث أنس بن مالك: "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق". وحسنه الحافظ في "الفتح" ١/ ٩٤.
(٢) رواه ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص ٢٧١).
وروى البخاري (٥٠٧٤)، ومسلم (١٤٠٢) من حديث سَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ قال: رَدَّ رَسُولُ الله على عُثْمَانَ بن مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ ولو أَذِنَ له لَاخْتَصَيْنَا.
وأيضًا البخاري (٥٠٦٣)، ومسلم (١٠٤١) من حديث أنسٍ قال: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النبي يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النبي فلما أُخْبِرُوا كأنهم تَقَالُّوهَا فَقَالُوا: وأين نَحْنُ من النبي قد غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ. قال أَحَدُهُمْ: أما أنا فإني أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا. وقال آخر: أنا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ. وقال آخر: أنا أَعْتَزِلُ النساء فلا أَتَزَوَّجُ أبدا. فجاء رسول الله إليهم فَقَالَ: "أنتم الذين قُلْتُمْ كذا وكذا أما والله إني لَأَخْشَاكُمْ لله وَأَتْقَاكُمْ له لكني أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النساء فمن رَغِبَ عن سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي".

<<  <   >  >>