وإذا كان التَّرفيهُ والتَّخفيفُ لطلبِ النَّشاطِ واستجدادِ الاستنباطِ؛ فالعبد في الحالين مقبلٌ عليه ومقيمُ القلب لديه، وحينئذٍ فالتحايا تأتيه والعطايا تحلُّ بناديه، وإن كان في الحال عن العبادة خاليًا وعن الذكر نائيّا.
وقد قيل: [سريع]
أَتَتْ عَلَى النَّائي تَحَايَاكُمْ … حَاكِيَةً طيبَ سَجَايَاكُمْ
حُيِّيتُمْ عَنَّا بأَضْعَافِهَا … فَقَدْ أَنِسْنَا بِتَحَايَاكُمْ
نُعَلِّل القَلْب بِبَدْرِ الدُّجَى … وَأَينَ للبَدْرِ مُحَيَّاكُمَ
وَنَكْتَفِي بِالْمِسْكِ عَنْ نَشْرِكُمْ … وَأَينَ لِلْمِسْكِ كَرَيَّاكُمْ
زَعَمْتُمْ أنَّا نَسِينَاكُمْ … حَمْلًا عَلَى الظَّنِّ وَحَاشَاكُمْ
لَمْ نَنْسَكُمْ مُنْذُ عَرَفْنَاكُمْ … لَسْنَا بِنَاسٍ إنْ نَسِينَاكُمْ
قُولُوا بِحَقِّ اللهِ منْ كُنْتُمْ … أَقَصَى مُنَاهُ كيفَ يَنْسَاكُمْ
عَسَى الَّذِي قَدَّرَ مَا بَيْنَنَا … بِالْهُجْرَانِ يَرْزُقُ لُقْيَاكُمْ
واستطبت هذه الأبيات في أثناء إثباتها البارحة وزنًا وقافية فقلت:
[سريع]
طُوبَا لِمَنْ طَيَّبَ أَوْقَاتَهُ … إِذَا نَأَى عَنْكُمْ بِذِكْرَاكُمْ
وَإنْ دَنَا عِطْرُ أَرْدَانِهِ … بَما يَغيظُ الْمِسْكُ رَيَّاكُمْ
كُلُّ فُؤَادٍ بِكُمْ مُغْرَمٌ … وَكُلُّ عَيْنٍ تَتَرَضَّاكُمْ
إذَا حَيِيتُمْ فَدَعُونِي أمُتْ … فَإِنَّمَا مَحْيَايَ مَحْيَاكُمْ
رِفْقًا بِمَنْ صَارَ أسيرًا لَكُمْ … أَمَا تَرِقُّونَ لِأَسْرَاكُمْ