للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سقطَ الرداءُ من منكبهِ.

وفي حديث أَنَسٍ أن رسول الله كان يَرْفَعُ يَدَيْهِ في الدُّعَاءِ حتى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ (١).

والتزامُ أبي بكر كأنَّه كان إشفاقًا منه أو لِرَقَّةِ أخذته حين شاهد جدَّ رسول الله واجتهاده وتضرُّعه، وتفرَّس آثار الإجابة علمًا منه بأنَّه أكرم على الله من أن لا يجيبه، وقد انتهى اجتهاده إلى ذلك الحدِّ فقال: أجيب لك يا رسول الله فدع الإلحاح والمناشدة.

وفي "صحيح البخاري" من رواية ابن عَبَّاسٍ أن أبا بَكْرٍ أَخَذَ بِيَدِهِ وقال: حَسْبُكَ يا رسول الله فقد أَلْحَحْتَ على رَبِّكَ (٢).

ورأيت في بعض الأجزاء: "كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ" (في الحديث بدل كذلك) (٣) وهو صحيحُ المعني.

ولَمَّا فرغَ رسول الله منَ الدُّعاءِ وما كانَ مُستغرقًا بهِ منَ الإلحاحِ عرفَ الإجابةَ كما تفرَّسَ أبو بكرٍ فخرجَ منْ قُبَّتهِ وهو يقول: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ (٤)، وأنزل الله تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾ (٥).

والنَّاظرُ إلى اللَّاعبِ بالشطرنج قد يرى ما لا يراه اللَّاعبُ لتعمُّقِهِ وإعمالِهِ الفكر فيه.


(١) رواه البخاري (١٠٣١)، ومسلم (٨٩٥).
(٢) "صحيح البخاري" (٢٩١٥).
(٣) في د: وفي الحديث ما يدل لذلك.
(٤) القمر: الآية ٤٥.
(٥) الأنفال: الآية ٩.

<<  <   >  >>