للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله ويأخذ بموجب الحديث الذي رواه له.

وَقَوْلُه: "اقْرَأْ فِي نَفْسِكَ" أمرٌ له بالإسرارِ بالفاتحةِ كي لا يشوش على الإمام والقوم، وفيه بيان أنه لا بدَّ منها، ويستحب الإصغاء إلى قراءة الإمام في غيرها، وهذا كما روي أَنَّهُ قَضَى الصَّلَاةَ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ: "أَتَقْرَءُونَ وَالإِمَامُ يَقْرَأُ؟ ". قَالُوا: إنَّا لَنَفْعَلُ.

قال: "فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم فاتحة الكتاب في نفسه" (١).

وقوله: "يا فارسيُّ" إنَّما قال ذلك لأنَّ أبا السائب كما عرفت لم يكن عربيًا وإنما كان مولى، وقد يروي مثله في رواية العلاء عن أبيه وكان هو أيضًا مولى الْحُرَقَةِ.

وقوله: "سمعت رسول الله يقول: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين" تعليل الأمر بقراءة الفاتحة بما سمعه من رسول الله من القسمة، وقد يوجه التعليل به بطريقين:

أحدهما: أن يقول أنَّ الفاتحة مشتملةٌ على هذه الفضيلة الجسيمة فلا ينبغي للمأموم أن يرغب عنها ويقنع بقراءة الإمام.

والثاني: إنَّ المراد من الصلاة في قوله: "قَسَمْتُ الصَّلَاةَ": الفاتحة على ما بَيَّنَهُ في التفصيل، وهو كما قيل في قوله تعالى: (ولا تجهر بصلاتك) (٢) أي: بقراءتك، وقد قيل: إنَّ الفاتحة لملازمتها الصلاة تسمى صلاة مرة وتسمى الصلاة قرآنًا أخري كما


(١) رواه أحمد (٥/ ٨١)، والبيهقي (٢/ ١٦٦) من طريق خالد الحذاء عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي .
ورواه ابن حبان (١٨٧٦) من حديث أبي قلابة عن أنس بن مالكٍ.
قال البيهقي: هذا إسنادٌ جيدٌ، وقد قيل: عن أبي قلابة عن أنس بن مالكٍ وليس بمحفوظٍ.
(٢) الإسراء: ١١٠.

<<  <   >  >>