للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال أحمد بن حنبل: صدق الشاعر لا بارك الله في الهوى (١).

والواقف على الباب لنيل خيرٍ، أو صرف ضيرٍ، واقف لنفسه غيرٍ قاضٍ حق التعظيم، ولا قائم بعبادة العزيز العليم.

وروي لنا عن أبي نصر القشيريِّ، عن أبيه الأستاذ أبي القاسم أنه قال في عُرْضِ كلام له: ليس كل من يحضر الملك يحضره لماله بل ربما يحضره لمشاهدة جماله وليس كل من يجاور أحدًا يجاوره لطلب رفده وفضله بل ربما يجاوره ليعيش في ظله.

وأنشد: [طويل]

خَلِيَلَيَّ عُوجَا بَارَكَ الله فِيكُمَا … وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَيْلَى لَأرْضِكُمُ قَصْدَا

وَقُولَا لَهَا لَيْسَ الضَّلَالُ (٢) أَجَارَنَا … وَلَكِنَّنَا جُرْنَا لِنَلْقَاكُمُ عَمْدَا

وَبِالْجُمْلَةِ فَمَنْ جَاوَرَهُ سَعِدَ وَجَلَّ، وَمَنْ جَاوَزَهُ بَعُدَ وَضَلَّ، وَمَنْ جَاهَدَ فِيهِ وَلَمْ يِتَعَلَّلْ بِعَسَى وَلَعَلَّ؛ حَلَّ الْمَحلَّ الْأَسْنَي وَاسْتَقَلَّ.

وَأُنْشِدُكُمْ لنفسي: [مجتث]

قَدْ ذَلَّ مَنْ مِنْهُ مَلَّا … وَبعَدَ ذَلِكَ ضَلَّا

وَفَازَ مَنْ فِيِه يَسْعَى … وَخَابَ مَنْ عَنْهُ وِلَّي

مَنِ اسْتَقَلَّ سِوَاهُ … فَفِي هُدَاهُ اسْتَقَلَّا

وَالْمُعْرِضُ المُتَوَانِي … يُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى


(١) نقله السبكي في "طبقات الشافعية" (٢/ ٥٦) عن الإمام الرافعي.
(٢) في س: الظلال.

<<  <   >  >>