للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثنى ابن الحسن السبط الأكبر سألوه عن حديث «من كنت مولاه» هل هو نص على خلافة علي؟ قال لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد خلافته بذلك الحديث لقال هكذا: يا أيها الناس هذا ولي أمري والقائم عليكم من بعدي فاسمعوا وأطيعوا. ثم قال الحسن: أقسم بالله أن الله تعالى ورسوله لو آثرا عليا لأجل هذا الأمر ولم يمتثل علي لأمر الله ورسوله به ولم يقدم على هذا الأمر لكان أعظم الناس خطأ بترك امتثال ما أمر الله ورسوله به.

قال رجل: أما قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من كنت مولاه فعلي مولاه؟» قال الحسن: لا والله، إن رسول الله لو أراد الخلافة لقال واضحا وصرح بها كما صرح بالصلاة والزكاة وقال: يا أيها الناس إن عليا ولي أمركم من بعدي والقائم في الناس بأمري. (١)

وأيضا في هذا الحديث دليل صريح على اجتماع الولايتين في زمان واحد، إذ لم يقع التقييد بلفظ «بعدي» بل سوق الكلام لتسوية الولايتين في جميع الأوقات من جميع الوجوه كما هو الأظهر، وشركة الأمير للنبي - صلى الله عليه وسلم - في التصرف ممتنعة فهذا أدل على أن المراد وجوب محبته، إذ لا محذور في اجتماع محبتين، بل إحداهما مستلزمة للأخرى، وفي اجتماع التصرفين محذورات كثيرة كما لا يخفى. (٢) وإن قيدتموه بما يدل على إمامته في المآل دون الحال فمرحبا بالوفاق، لأن أهل السنة أيضا قائلون بذلك في حين إمامته. وأما وجه تخصيص الأمير بالذكر دون غيره فلما علمه النبي - عليه السلام - بالوحي من وقوع الفساد والبغي في زمن خلافته وإنكار بعض الناس لإمامته. وكذلك فسر بعض الشيعة «الأولى» الواقع في صدر الحديث بالأولى بالتصرف، وهو باطل، والمراد الأولى في المحبة، يعني ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم في المحبة؟ لتتلائم أجزاء الكلام، ولفظ الأولى قد ورد في غير موضع بحيث لا يناسب أن يكون معناه الأولى بالتصرف أصلا كقوله تعالى {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم}، {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} فإن سوق هذا الكلام لنفي نسب الأدعياء عمن يثبتونه، وبيانه أن زيد بن حارثة لا ينبغي أن يقال في حقه زيد بن محمد لأن نسبة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع المسلمين كالأب الشفيق بل أزيد، وأزواجه أمهات أهل الإسلام، (٣) والأقرباء


(١) أخرجه البيهقي بسنده عن فضيل بن مرزوق ... الاعتقاد: ص ٣٥٥؛ وأخرجه من الطريق نفسه ابن عساكر، تاريخ دمشق: ١٣/ ٦٩
(٢) أي لا إمام آخر في حياة النبي غيره - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) سورة الأحزاب: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم}