للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(١) بل يلاحظ محبته لأهل بيت الرسول، وجهاده أعداء الله، وإذلال الكفرة والانتقام منهم (٢) وإعلاء كلمة الله تنجيه وتوجب فلاحه، وما يصدر منه من الشنائع يجب علينا أن نستره ونستغفر الله له. وهذا هو مذهب أهل السنة في حق من ينكر إمامة إمام وقته ولكنه متصف بهذه الصفات المذكورة.

وقالت (الزيدية): إن الإمام بعد الإمام الحسين زيد بن علي، ولا يقولون بإمامة علي بن الحسين لأن الخروج بالسيف شرط للإمامة عندهم، والسكوت والتقية منافيان لها ويررون أن زيد بن علي نقل عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين نصوصا وبشارات في حق إمامته، وكان زيد بن علي منكرا لجميع معتقدات الإمامية كما روى الزيدية والإمامية معا إنكاره. (٣)

و (الباقرية) يعتقدون أن الإمام الباقر مهدي موعود، وحي لا يموت.

وكذلك (الناووسية) في حق الإمام الصادق، ويروون نصا صريحا بزعمهم عن الصادق وهو قوله «لو رأيتم رأسي تدهده - أي تدحرج - عليكم من هذا الجبل فلا تصدقوا، فإن صاحبكم صاحب السنين».

وروى (المهدوية) من الإسماعيلية في حق إسماعيل بن جعفر نصه بالتواتر أن هذا الأمر في الأكبر، ما لم تكن به عاهة. ويكذبون الإمام الكاظم في دعوى الإمامة ويذكرونه بالسوء فإنه أنكر النص المتواتر بزعمهم كأبي بكر في حق علي.

وقالت (القرامطة) صار محمد إماما بعد أبيه إسماعيل.


(١) والواقع أن إمامة الوقت لم تكن اخترعت بعد، والإمام الباقر وأبوه علي زين العابدين عاشا وماتا وهما لا يعرفان أنفسهما أنهما إماما الوقت، وكل ما يعرفانه أنهما من بيت النبوة وأن الإمامة تستمد من بيعة المسلمين لمن بايعونه، بل إن جدهما أمير المؤمنين عليا نفسه لما بويع يوم الخميس ٢٤ ذي الحجة سنة ٣٥ (كما ورد في تاريخ الطبري ج ٦ ص ١٥٧) ارتقى في يوم الجمعة ٢٥ منه أعواد منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: «أيها الناس عن ملأ وأذن. إن هذا أمركم، ليس لأحد حق إلا أن أمرتم. وقد افترقنا في الأمس على أمر (أي على البيعة له) فإن شئتم قعدت لكم، وإلا فلا أجد على أحد.» فهو يعلن على رءوس الأشهاد في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى منبره وبعد البيعة له أنه لا يستمد الخلافة من حق يدعيه ولا من شئ سبق، بل يستمدها من البيعة إذا أرتضها الأمة، وإلا فإنه - كإخوانه الثلاثة الذين سبقوه - أرفع من أن يجعلها أكبر همه وغرض نفسه. هذا هو الذي وقع، وهذه الحقائق صدرت من فم علي بن أبي طالب نفسه، ومن سنة ٣٥ إلى اليوم الذى تحاور فيه الإمام زيد بن علي بن الحسين مع شيطان الطاق لم يخطر على بال أحد من آل البيت - رضي الله عنهم - لا علي، ولا الحسن، ولا الحسين، ولا علي بن الحسين، ولا محمد بن الباقر، ولا غيرهم - أن هناك إمامة لآل البيت كما اخترعها شيطان الطاق فأساء بذلك إلى الإسلام وإلى آل البيت، وإلى أمة محمد جميعا، فالله حسبه.
(٢) المؤلف يستعمل أسلوب الشيعة ويتكلم بلغتهم لإلزامهم وإقامة الحجة عليهم.
(٣) رووا أن شيطان الطاق قال: «إن زيد بن علي بن الحسين بعث إليه وهو مختفٍ قال فأتيته فقال لي: يا أبا جعفر ما تقول إن طرقك طارق منا أتخرج معه؟ قال فقلت له: إن كان أبوك أو أخوك خرجت معه، قال فقال لي: فإني أريد أن أخرج أجاهد هؤلاء القوم فاخرج معي، قال قلت: لا أفعل جعلت فداك قال فقال لي: أترغب بنفسك عني؟ قال فقلت له: إنما هي نفس واحدة، فإن كان لله عز وجل في الأرض معك حجة فالمتخلف عنك ناج والخارج معك هالك، وإن لم يكن لله معك حجة فالمتخلف عنك والخارج معك سواء، قال: يا أبا جعفر كنت أجلس مع أبي علي فيلقمني اللقمة ويبرد لي اللقمة الحرة حتى تبرد من شفقته عليّ، ولم يشفق عليّ من حر النار إذ أخبرك بالدين ولم يخبرني ... ». الكافي: ١/ ١٧٤؛ الاحتجاج: ص ٣٧٦. وهذا يعارض رواية الحجر الأسود لأنه ينفي الإمامة عن علي بن الحسين أيضا وبعد خروجه