للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم}، فإنها نزلت في حق رفقاء الخليفة الأول، (١) و {قل للمخلفين من الأعراب ستدعو ن إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون} إذ هي نازلة في حق عساكر الخليفة الثاني، (٢) وما وقع من الجهاد في غير الأوقات المذكورة فهو فاسد عندهم، وليس تقسيم الغنائم في الجهاد الفاسد بوجه مشروع، فلا بد أن تكون الجواري المأسورة مملوكة لأحد ولا يصح التمتع بهن. (٣) وقد استخرجوا فتوى عجيبة لتسهيل هذا العسير، ونسبها صاحب الرقاع المزورة (٤) ابن بابويه إلى صاحب الزمان أن تلك الجواري كلها مملوكة للإمام. (٥) وقد حلل الأئمة جواريهم لشيعتهم، فبهذه الحيلة يجوز التسرى بالجوارى المأسورة في الجهاد الفاسد للشيعة.

سبحان الله، أية كلمات خبيثة ثقيلة في السوء يكتبونها في كتبهم الفقهية التي هي محل تنقيح الدين، وإذا قال أهل السنة بإزائهم: إن الأمير - رضي الله عنه - تسرى خولة بنت جعفر اليمامية الحنفية (٦) التي جاء بها خالد بن الوليد مأسورة في عهد الخليفة الأول وولد للأمير منها محمد بن الحنفية، فلو كان جهاد ذلك الوقت فاسدا ولم يكن تقسيم غنائمه للخليفة صحيحا فلماذا تصرف الأمير بالتسري في الغنائم؟ يجيبون بأنه قد صح عندنا رواية أن الأمير أعتقها


(١) روى الطبري عن الضحاك في تفسير الآية قوله: «هو أبو بكر وأصحابه لما ارتد من ارتد من العرب عن الإسلام جاهدهم أبو بكر وأصحابه حتى ردهم إلى الإسلام». تفسير الطبري: ٦/ ٢٨٣؛ وينظر الدر المنثور للسيوطي: ٣/ ١٠٢.
(٢) وفسر الطبري أولئك القوم بأنهم أهل فارس والروم، ومعلوم أن قتال هؤلاء كان في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. تفسير الطبري: ٢٦/ ٨٢ .. لكن عسكر الخليفة الثاني لهم ذنب عظيم، وهو أنهم اطفأوا نار المجوسية وأدخلوا إيران في ملة الإسلام، وقد استحق الخليفة الثاني القتال على ذلك في حياته، والسب واللعن من ذلك اليوم إلى الآن.
(٣) ولكن «الحنفية» التي تسرى بها الإمام علي وولدت له محمد بن الحنفية رضوان الله عليه هي من بني حنيفة في اليمامة أسرت أيام خلافة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبي بكر الصديق. انظر المناقشة في هذه المسألة بين السيد عبد الله السويدي وملا باشي كبير مجتهدي الشيعة في زمان نادرة شاه سنة ١١٥٦ في رسالة مؤتمر النجف ص ٣١.
(٤) ويسميها الإمامية ب (التوقيعات المقدسة)، وهي كتب ادعوا أنها بخط الإمام المنتظر، وأول من أظهرها في مصنف مستقل عبد الله بن جعفر بن مالك القمي الذي يعده الإمامية من شيوخهم الوجهاء، ومات بعد ٣٠٠هـ. رجال النجاشي: ٢/ ١٨؛ الذريعة: ٤/ ٥٠١.
(٥) قال المفيد: «الأنفال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته، وهي للإمام القائم بعده». تهذيب الأحكام: ٤/ ١٣٢. لأن الدنيا عند الإمامية للإمام يتصرف فيها كيف يشاء. روى ابن بابويه القمي عن أبي بصير عن الصادق أنه قال: «إن الدنيا للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها حيث يشاء ... ». من لا يحضره الفقيه: ٢/ ٣٩.
(٦) هي خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن ثعلبة بن يربوع، كانت من سبي اليمامة فصارت إلى علي بن أبي طالب، وهبها له أبو بكر الصديق، قالت أسماء بنت أبي بكر: «رأيتها سندية سوداء وكانت أمة لبني حنيفة». طبقات ابن سعد: ٥/ ٩١؛ المنتظم: ٦/ ٢٢٨.