للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهر واحد أو أزيد لا يكون حاصلا لا سيما إن وقعت المتعة في السفر ويكون السفر أيضا طويلا ويتفق في كل منزل الشغل بالمتعة الجديدة ويتعلق الولد في كل منها وتولد جارية من بعد العلوقات ويرجع هذا الرجل إلى ذلك الطريق بعد خمسة عشر عاما مثلا أو يمر إخوته أو بنوه في تلك المنازل فيفعلون بتلك البنات متعة أو ينكحونهن.

ومنها عدم تقسيم ميراث مرتكب المتعة مرات كثيرة، إذ لا يكون ورثته معلومين ولا عددهم ولا أسماؤهم ولا أمكنتهم فلزم تعطيل أمر الميراث. وكذلك لزم تعطيل ميراث من ولد بالمتعة فإن آباءهم وإخوتهم مجهولون، ولا يمكن تقسيم الميراث ما لم يعلم حصر الورثة في العدد، ويمتنع تعيين سهم من الأسهم ما لم تعلم صفات الورثة من الذكورة والأنوثة والحجب والحرمان.

وبالجملة فالمفاسد المترتبة على المتعة مضرة جدا ولا سيما في الأمور الشرعية كالنكاح والميراث، فلهذا حصر الله سبحانه أسباب حل الوطء في شيئين: النكاح الصحيح وملك اليمين؛ لأن الاختصاص التام الحاصل بين المرء وزوجته بسبب هذين العقدين ليحفظ الولد ويعلم الإرث، قال تعالى {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم} وعقب هذا في الموضعين بقوله {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} وظاهر أن امرأة المتعة ليست بزوجة - وإلا تحققت لوازم الزوجية فيها من الإرث والعدة والطلاق والنفقة والكسوة وغيرها - وليست هي أيضا بملك يمين وإلا لجاز بيعها وهبتها وإعناقها. وقد اعترف فقهاء الشيعة بأن الزوجية بين المرء وامرأة المتعة لا تكون متحققة، وقال ابن بابويه في كتاب (الاعتقادات) (١) إن أسباب حل المرأة عندنا أربعة: النكاح وملك اليمين، والمتعة، والتحليل. (٢) وقال تعالى {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} فلو كانت المتعة والتحليل جائزين لم يأمر بالاستعفاف. وقال تعالى {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم - إلى قوله - ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم} فلو جازت المتعة والتحليل لما كان خوف العنت (٣) والحاجة إلى نكاح الإماء وإلى الصبر في ترك نكاحهن متحققا.

وما قالت الشيعة إن قوله تعالى {فما استمعتم به منهن فآتوهن


(١) قال ابن بابويه في مكان آخر: «اعلم أن وجوه النكاح الذي أمر بها الله عز وجل أربعة أوجه: نكاح الميراث ... نكاح المتعة ... ملك اليمين ... نكاح التحليل». فقه الرضا: ص ٢٣٢ - ٢٣٣.
(٢) نكاح التحليل عند الإمامية: «هو أن يحل الرجل أو المرأة فرج الجارية مدة معلومة، فإن كانت لرجل فعليه قبل تحليلها أن يستبرئها بعد أن تنقضي أيام التحليل، وإن كانت لامرأة استغنى عن ذلك». فقه الرضا: ص ٢٣٣.
(٣) أخرج الكليني عن أبي بصير قال: «سألت أبا جعفر - عليه السلام - عن المتعة فقال: نزلت في القرآن». الكافي: ٥/ ٤٤٨؛ وينظر أبواب المتعة في وسائل الشيعة: ٢١/ ٥ وما بعدها.