للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقولون أيضا: لا يصح عتق عبد أو امة ذاهب بمذهب أهل الحق أو غيرهم مما هو مخالف لمذهب الاثني عشرية، (١) مع أنه لا دليل لهم على هذا لا من الكتاب ولا من السنة، وما ذاك إلا محض عناد وجهل بالمراد. ألا ترى أن عتق العبد الكافر صحيح فضلا عن أن يكون له مذهب، وقد ثبت إيمان أهل السنة في كتبهم. (٢)

ويقولون أيضا: لو صار العبد مجذوما أو أعمى أو زمنا يعتق بنفسه من غير إعتاق مالكه. (٣) وهذا العتق بخلاف قواعد الشرع، إذ لا يخرج مال أحد عن ملكه بنفسه بمعيوبيته، ولأن سبب تشريع العتق هو نفع العبد وقد صار ههنا لمحض ضرره وهلاكه؛ لأنه حينئذ لا اقتدار له على الكسب ولا نفقة له على سيده. فإن قالوا قد يحصل للعبد نفع بذلك بسبب استراحته عن الخدمة، قلنا لا يجوز على المالك تكليف مثل هؤلاء.

ويقولون أيضا: إن خرجت نطفة السيد من بطن الأمة صارت أم ولد، (٤) فعلى هذا يلزم صيرورة كل جارية موطوءة أم ولد لأن عادة النساء ذلك. ومما علم بالتجربة أنه يبقى في الرحم من النطفة قدر الانعلاق ويخرج ما زاد عليه، فحينئذ لو كان خروج النطفة دليلا لكان على عدم الانعلاق، فكيف تصير الأمة أم ولد بخروجها؟

ويقولون أيضا: لو رهن رجل أمته ووطئها المرتهن مطلقا وجاءت بولد من المرتهن صارت أم ولد له. (٥) مع أن وطء المرتهن محض الزنا إذ لا ملك له ولا تحليل، مع أن التحليل أيضا لا يوجب كونها أم ولد عند الفرقة أيضا. (٦)

ويقولون أيضا: لا ينعقد يمين الولد بغير إذن الوالد في غير فعل الواجب وترك القبيح، وكذلك يمين المرأة بغير إذن الزوج فيهما. (٧) مع أن ذلك مخالف لصريح قوله تعالى {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} وقوله سبحانه {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان}.


(١) قال (العلامة) الحلي في (إرشاد الأذهان): «ويكره عتق المخالف» أي الذي يخالف مذهب الإمامية. الينابيع الفقهية: ٣٢/ ٣٨٩.
(٢) لكنهم إذا أرادوا أن يماروا في ذلك قالوا أثبتناه تقية.
(٣) أخرج الطوسي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: «العبد الأعمى والأجذم والمعتوه لا يجوز في الكفارات؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعتقهم». تهذيب الأحكام: ٨/ ٣٢٤؛ العاملي، وسائل الشيعة: ٢٢/ ٣٩٧.
(٤) قال الراوندي: «أم الولد: هي التي تلد من مولاها سواء ما وضعته تاما أو غير تام وإن سقطت نطفة». فقه القرآن: ٢/ ٢١٣.
(٥) قرر ذلك الطوسي في (المبسوط). الينابيع الفقهية: ٣٢/ ٣٦٦.
(٦) الينابيع الفقهية: ٣٧/ ٦١.
(٧) قال الحلي: «ولا تنعقد يمين ولد مع والده إلا مع إذنه ولا المرأة مع زوجها إلا بإذنه ولا المملوك مع مولاه إلا بإذنه وذلك فيما عدا الواجب وترك القبيح، أما فيما ..... فينعقد دون إذنهم». الينابيع الفقهية: ١٦/ ٢٤. وينظر أيضا كلام قريب من هذا عند ابن بابويه، المقنع: ص ١٣٧؛ الكيدري، إصباح الشيعة: ص ٤٨٢.