قال المصنف رحمه الله تعالى:[وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة، فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة].
فالناس يتعرفون إلى الملوك والكبراء حتى ينالوا منهم حظاً أو كرسياً أو درجة أو علاوة أو غيرها، والمؤمن عندما يتعرف إلى الله يشعر أنه عزيز بالله، قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون:٨].
قال الشاعر العربي مع تحفظنا على ما قال: لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل ماء الحياة بذلة كجهنم وجهنم بالعز أعظم منزل فالله سبحانه وتعالى يعز الذليل بطاعته، ويذل العزيز بمعصيته.
وأبو سفيان ظلم جاره، فذهب الجار واشتكى إلى أمير المؤمنين عمر، وأبو سفيان من أكابر قريش، فقال أمير المؤمنين عمر: يا أبا سفيان! أرجع الحق إلى صاحبه وإلا ضربتك بالسوط فأرجعه إلى صاحبه، فسجد سيدنا عمر وقال: الحمد لله الذي أعز الذليل بطاعته، فجعل عمر يرفع السوط على أبي سفيان فينصاع أبو سفيان له.
فسجد أبو سفيان وقال: الحمد لله الذي صبّر واحداً مثلي على واحد من أمثال عمر.
وكان جبلة بن الأيهم أميراً نصرانياً ثم أسلم، فبينما كان يطوف حول الكعبة وكان لابساً رداء، فمر به أعرابي فداس على ردائه، فلطمه جبلة في وجهه وقال له: أتدوس يا أعرابي رداء جبلة؟ فذهب الأعرابي واشتكى لسيدنا عمر، فأتى بـ جبلة وقال للأعرابي: ماذا صنع بك جبلة؟ قال: لطمني أمام الناس قال: الطمه.
فلطمه أمام الناس، فارتد جبلة عن الإسلام.
فإذا تعرف الناس إلى الملوك والكبراء لكي ينالوا عزة أو رفعة أو درجة أو منزلة، فتعرف أنت إلى الله عز وجل يعطك رب العباد من عزته ورحمته والمكانة العليا، ولذا قال العلماء: تقرب النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج إلى الله قرب مكانة لا قرب مكان، لأن الله خالق الزمان والمكان؛ فلا يحده زمان ولا مكان.