قال رحمه الله تعالى: كيف الفلاح بين إيمان ناقص وأمل زائد ومرض لا طبيب له ولا عائد، وهوى مستيقظ وعقل راقد، ساهياً في غمرته، عاملاً في سكرته، سابحاً في لجة جهله، مستوحشاً من ربه، مستأنساً بخلقه، ذكر الناس فاكهته وقوته، وذكر الله حبسه وموته، لله منه جزء يسير من ظاهره وقلبه ويقينه لغيره.
يقول: كيف يطلب الفلاح بين إيمان ناقص، وكيف تعرف أن الإيمان ناقص؟ انظر إلى كلمات الشكوى من الدنيا كم مقدارها، وكلمات الشكوى من الذنوب كم مقدارها، والإيمان الناقص تعرفه بشدة تحت الأزمات.
وكيف يطلب الفلاح مع أمل زائد، فكله أمل، كما قال تعالى:{أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ}[المعارج:٣٨]، ومرض لا طبيب له ولا عائد، وهو مرض البعد عن الله، وهوى مستيقظ، وعقل راقد لا يفكر.
إخواني! لو أن شخصاً مسافراً إلى الإسكندرية مدة يومين فإنه يحجز ويجهز التذكرة ويجهز أمتعته ويذهب إلى المحطة مبكراً؛ لأنه ذاهب إلى الإسكندرية يومين، فكيف بذاهب إلى مكان لن يرجع منه مرة أخرى؟! يقول: سابحاً في لجة جهله، فعنده جهل؛ لأن المعاصي تعمي وتصم، مستوحشاً من ربه مستأنساً بخلقه، فعندما يجلس في درس علم يقول: ما هذا؟! إن وراءنا شغلاً، ولو جلس أمام المباراة أو أمام المسرحية ثلاث ساعات لجلس وهو مرتاح؛ لأن هذه جامعة هوى النفس.
وذكر الناس فاكهته وقوته، وذكر الله حبسه وموته، فإن قيل له: هناك درس علم، يقول: هناك فلانة بطلة المسلسل الأخير.
يقول: لله منه جزء يسير من ظاهره، وليس له جزء يسير من قلبه، بل جزء يسير من ظاهره.
ولذلك نجد أنفسنا كاذبين في الصلاة حين نقول: الله أكبر، فما معنى (الله أكبر)،؟! إنه تعالى أكبر من كل شيء.
فعندما آتي إلى الصلاة وتأتيني المشكلة والأولاد والمال والمرأة والجار والبيت يكون قد صار هناك في الصلاة شيء أكبر من الله.
يقول: لله منه جزء يسير من ظاهره، وقلبه ويقينه لغيره.