للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أثر الاقتداء في قبول العمل]

فعمل لا إخلاص فيه ولا اقتداء ضعيف مردود، والعمل الذي فيه إخلاص ومتابعة قوي مقبول، ذهب رجل لزيارة قبر الحسين وكان مخلصاً، ذهب عند المقام وطاف، وفي الحديث: (يا علي! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا ترين صنماً إلا كسرته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته) أي: قبراً حال كونه مشرفاً، وفي الحديث الآخر: (إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم، فالدمار عليكم) وفي الحديث الآخر: (إنما لعن اليهود من قبلكم، اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا إن فعلتم كما فعلوا لعنكم الله كما لعنهم).

وأيضاً: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله زوارت القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج)، اتخاذ السرج يكون بأن يوقد شمعتين عند قبر السيدة، ونحو ذلك، وإن غضب الدرويش بسبب ربحه من بعد هذه الشركيات، ولا تقل مش حالك، فلا يوجد في الدين تمشية حال، بل إما حلال وإما حرام، حلال يدخلني الجنة وحرام يدخل النار، ولا مكان بين الجنة والنار أبداً، اللهم اجعلها جنة أبداً يا رب العالمين.

نريد أن نهتز هزة جامدة، نعود بها إلى الدين الصافي، وحذار من اللف والدوران حول النصوص، وكل الناس يؤخذ منهم ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم من قال بقول الرسول صلى الله عليه وسلم بدون تأويل، فأنا لا أنظر إلى من قال، ولكن أنظر إلى ما قيل، فلا يهمني الأشخاص، فمثلاً: قد تقول: إن العالم المشهود له بالكفاءة يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد استعان بمشرك، نقول: نعم، لكن أنت تأخذ أول الجملة وتنسى آخرها، فهل استعان بمشرك على مشرك أم على مسلم؟ فإن كان استعان به على مسلم فأخبرنا، فقد لا نعرف التاريخ، والذي نعرفه أنه استعان بمشرك على مشرك، فلما خرج من الطائف ومنعوه من دخول مكة، دخل في جوار مطعم بن عدي وكان مشركاً، فاستعان بـ مطعم المشرك على أبي جهل وأبي سفيان، وعقبة، وأمية ومن كان على شاكلتهم.

أما عبد الله بن أريقط الذي هو الدليل للنبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة هو وأبي بكر، فكأن النبي يقول: أستعين به لقضاء مصلحتي، ولا أستعين به على مسلم كما استعنت بالكمبيوتر والتلفزيون، والجزمة، والشراب، وكله صنعه مشرك، فأنا أستعين بهذا المشرك لقضاء حاجتي، لا لقتل مسلم.

ولم يأت من أجاز ذلك بنص، فحتى لا يدخل الحلال في الحرام في هذه الفتاوى، يجب أن تكون خالصة لله ما فيها شك، والنصوص واضحة أن الرسول صلى الله عليه وسلم استعان بمشرك على مشرك وليس على مسلم، وقال في حديث رواه البخاري: (لا أستعين بمشرك على مشرك)، يعني: ما يقاتل مشركاً بمشرك.

ولما سئل في إحدى الغزوات أن جماعة مشركين يريدون أن يحاربوا معه قال: (لا أستعين بمشرك على مشرك)، فمن باب أولى هذا أي: حرمة الاستعانة بكافر على مسلم، نسأل الله أن يكشف غمتنا، وأن يذهب حربنا، وأن يوصلنا إلى بر السلامة.

فعمل لا اقتداء فيه لا ينفع صاحبه، فلو خرج مخلصاً من بيته وذهب لزيارة الحسين، والتبرك بقبره، فالإخلاص موجود والاقتداء معدوم، فالعمل مردود؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لو كان موجوداً ما عمل ما يعملونه، واتفقنا من قبل أن أي حركة أو كلمة أو خطوة أو فعل نضع الرسول صلى الله عليه وسلم مكانه، فلو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعله فبها ونعمت، ولو كان لا يليق به ولا يمكن أن يقوله أو يفعله فهو مردود.

<<  <  ج: ص:  >  >>