قال ابن القيم رحمه الله:[بين العبد وبين الله والجنة قنطرة تقطع بخطوتين، خطوة عن نفسه وخطوة عن الخلق، فيسقط نفسه ويلغيها فيما بينه وبين الناس، ويسقط الناس ويلغيهم فيما بينه وبين الله، فلا يلتفت إلا إلى من دله على الله وعلى الطريق الموصلة إلى الله].
وممن جسد هذا المعنى العظيم في حياته: سيدنا عطاء بن أبي رباح، صديق الحسن البصري وأحد كبار التابعين، فقد كان يمشي ذات مرة تحت بيت وإذا بامرأة ترمي من سطحه رماداً، فلما رمته أتى على رأس الرجل وعلى ثوبه وهو ذاهب ليلقي الدرس للناس، فسجد لله سجدة شكر!! فلما سئل عن ذلك قال: من استحق النار وصولح على الرماد فيجب أن يشكر الله، لما كانت النار لها رماد، وهو أخف منها ضرراً، وقد استحق النار بعمل عمله فصولح بالرماد بدلاً منها أليس هذا جديراً أن يشكر الله عليه؟ فكان عطاء بهذا العمل يسقط نفسه ويلغيها فيما بينه وبين الناس، ويسقط الناس ويلغيهم فيما بينه وبين الله، وإلا لن يصل عن طريق الناس إلى الله إلا في حالة واحدة، وهي الدلالة على الله، فلا يلتفت إلا لمن دله على الله وعلى الطريق الواصلة إليه.