[حب أبي ذر ما يكرهه الناس]
وأبو ذر يقول: أنا أحب ثلاثة أشياء: أحب الجوع، وأحب المرض، وأحب الموت.
فالشخص يستغرب كيف يحب هذه الأشياء التي يكرهها الناس، حتى عندما يجوع أحدنا كما يقول المصريون: (عصافير بطني صوصو) وأنا أشك أن المصري عنده عصافير في بطنه، وإلا فكان عليه أن يقول: بقر بطني، أو جاموس بطني، أما العصفور فيكتفي بربع رغيف.
ولذلك فهناك نصيحة قبل رمضان، أي: أن توزنوا أنفسكم قبل رمضان، وأريد أن تأتي ليلة العيد وقد نقصتم من الوزن عشرة كيلو.
إن شاء الله، فعليكم أن تخففوا من الأكل والعزائم؛ لتذهبوا إلى صلاة التراويح والجسم خفيف.
وهذا امتحان عملي إن دخلنا في رمضان، وأنا أظن أن أغلب المصريين الذين أعرفهم على الأقل، يزيد وزنهم بعد رمضان، ونحن نريد في رمضان ريجيم طبيعي، ونريد أن يخف وزننا، ولو حتى وجبة واحدة.
وبالنسبة للسحور، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (تسحروا فإن في السحور بركة)، وقال: (ولو تمرات ثلاث، ولو حسوات من ماء) وهكذا السحور.
وقد يتوهم الصائم أنه كلما تسحر أكثر كلما استمر شبعه حتى الفطور، ولكن الحقيقة أن أي أكل يؤكل مهما كان ومهما كثر تهضمه في المعدة فأثره خلال أربع ساعات، أما بعدها فلا يكون له أثر، حتى أصعب أنواع الأكل وهو الفول، والذي يسمى عند المصريين (مسمار البطن) لا يأخذ أكثر من أربع ساعات ونصف في الهضم، يعني: إذا تسحر الصائم الساعة الثانية بعد نصف الليل، تأتي الساعة السادسة والنصف صباحاً ولا يوجد أثر للفول.
وبعض الناس تجده قبل أذان الفجر يشرب ماء كثيراً، وكلما علم أن الفجر لم يؤذن له بعد يشرب ماءً، وبعد ذلك يصلي الفجر وينام في الصلاة؛ لأنه شرب كثيراً وأكل كثيراً.
إذاً: فالامتحان العملي للمسلم أن يزن نفسه في أول رمضان، ولا بد أن ينقص وزنه خلال شهر رمضان من خمسة إلى عشرة كيلوهات.
فسيدنا أبو ذر كان يحب الجوع، ويحب المرض، ويحب الموت، فلما سئل عن السبب، قال: أنا إن جعت رق قلبي، وإذا مرضت خف ذنبي، وإذا مت لقيت ربي.
فلذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (جاء الناس على قدر الأرض التي جاءوا منها، فمنهم: سريع الغضب بطيء الفيء، ومنهم بطيء الغضب بطيء الفيء، ومنهم سريع الغضب سريع الفيء).