إن العبد عندما يقف عند الميزان يسأل عن أشياء أربعة: فأول شيء: الأوامر.
وثاني شيء: النواهي.
وثالث شيء: الذكر.
ورابع شيء: الشكر.
فأول ذلك الأوامر، ولأجل تنفيذ ذلك أنصح حال قراءة القرآن بأن يكون مع القارئ دفتر صغير، فكلما قرأ صفحة كتب ما فيها من الأوامر، وفي الصفحة الثانية من الدفتر يكتب النواهي، ثم بعد ذلك فينظر في الأمر الذي نفذه فيعلم عليه بالأخضر، والأمر الذي لم ينفذه فيعلم عليه بالأحمر، وكذلك النهي، وهكذا في كل يوم.
فلو أني كل يوم أقول: في هذا الشهر سأطبق من الأوامر كذا، وبقي علي كذا ودرَّبت نفسي على ما بقي شيئاً فشيئاً، فإني سأجد نفسي بعد ذلك مؤتمراً بأوامر الله منتهياً عن نواهي الله عز وجل.
فالله تعالى سيسألني عن الأوامر، وسيسألني عن النواهي.
كما أنه تعالى سيسألني عن الذكر، والذكر ليس المراد به الذكر اللساني، بل الذكر بجنس ما أنعم الله عليك، كما لو كان هناك رجل له مكانة يستطيع بها أن يخدم الناس ويمشي في مصالحهم، فلو أن هذا الإنسان ترك ذلك وذهب يصلي ليل نهار، فهل تقبل صلاته وهو يستطيع أن يعطي الناس من وقته ومن جهده لقضاء مصالحهم ما هو خير له من الصلاة ومن الذكر؟! إذاً: ذكر هذا الرجل أن ينجز أعمال الناس بخير.
والعالم ذكره لله أن يعلم الناس العلم، والغني ذكره لله أن يخرج من ماله، وهكذا كل واحد له مفتاح يدخل به على الله عز وجل، فاللهم أدخلنا عليك من جميع الأبواب.
ثم بعد ذلك الشكر، فنحمد الله على كل حال، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يسره قال:(الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات)، وإذا رأى ما يكرهه.