للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قسوة القلب]

ما ضرب عبد بعقوبة - والعياذ بالله - أعظم من قسوة القلب، والبعد عن الله، وهناك من يقول: ما هو ربنا موسع علي، فالأولاد في نجاح في المدارس والجامعات، وعندي السيارات والأموال، وعندي الجاه والسلطان، وعندي شركات عديدة باسمي، وما إلى ذلك، أما حالته الإيمانية فحدث ولا حرج، وهذا لا يهتم له ويغتم، لأنه ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله، ولذلك قالوا لأحد الصالحين: أحقاً ما سمعنا أنك ترى الرسول كل ليلة؟ فتبسم وقال: لو حجب عني رسول الله ليلة لما عددت نفسي من الموحدين! خلقت النار لإذابة القلوب القاسية، وفي الحديث: (من أراد جليساً فالله يكفيه، ومن أراد أنيساً فالقرآن يكفيه، ومن أراد الغنى فالقناعة تكفيه، ومن أراد وعظاً فالموت يكفيه، ومن لا يكفيه هذا ولا هذا فالنار تكفيه).

إذاً: فالنار عملها إذابة القلوب القاسية، يقول الشاعر - وأظنه المجنون قيس بن الملوح -: أمر بالحجر القاسي فألثمه لأن قلبك قاسٍ يشبه الحجرا يعني: كلما يمر على حجر يتخيله قلب ليلى فيقبله؛ لأن كليهما في القسوة سواء.

والقلب القاسي هل يدخل الجنة؟ يقول الله عن قلوب أهل الجنة: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:٢٨]، فقلوبهم قلوب توجل منه سبحانه وتعالى، أما القلوب التي فيها قسوة فتذوب وتصهر في الآخرة بالنار، إذاً: فأبعد القلوب من الله القلوب القاسية هذا كلام العارفين.

فإذا قسا القلب قحطت العين، يعني: أنها لا تدمع، وانقطاع دمع العين عبارة عن علامة من علامات قسوة القلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>