قال المصنف رحمه الله تعالى:[حتى وإن لم تسلك مسلك الطاعة].
فمثلاً لو أن أحداً ذهب ليشتري خبزاً لأولاده، وبينما هو في الطريق قابله صديقه وقال له: يا أخي! أريد منك مساعدة لأطفال يتامى وأن نشتري لهم أحذية وملابس، ولقد جمعنا مبلغاً قدره أربعون جنيهاً وما زلنا بحاجة إلى عشرة جنيهات، وهو يثق فيه، فقام الرجل وأعطاه وشكره على أنه جعله يفعل الخير، فربنا وضع له الخير في طريقه دون أن يقصده، فـ (يثاب المرء رغم أنفه).
والنوع الآخر -والعياذ بالله- يضع الله المعصية في طريقه وهو لم يسر إليها، حتى إنها لتأتي إليه في بيته، فتجد الرجل جالساً مع زوجته وأولاده فيتصل صديق له ويقول له: تعال الآن فلدينا جلسة ممتعة، وستخسر كثيراً إن لم تحضر وستفوتك المتعة، فيقول له الرجل: لقد وعدت زوجتي وأولادي أن أجلس معهم هذا اليوم، فتجد صديقه يرغبه في تلك الجلسة حتى يخرجه من بيته، وبعد أن يخرج من البيت تحزن زوجته وأولاده فينامون وهم مغمومون، ويقولون: أليس لنا حقاً في أبينا؟ ولماذا لا يهتم بنا؟ وتنتج المشاكل في هذا البيت؛ لأن الشيطان دخل عليهم من هذا الباب.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[ولا تظن أبداً إذا عصى العبد ربه أن الشيطان غلب].
فالشيطان لا يغلب، قال تعالى:{إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}[النساء:٧٦]، فليس عصيان العبد دليلاً على أن الشيطان غلب ولكن الولي أعرض عن العبد، فلو أن رجلاً قُتل أخوه ستجدونه يحزن حزناً شديداً، لأن أخاه كان ظهره الذي يستند عليه لكنه ضاع، فما بالك عندما يكون ظهره الله سبحانه وتعالى؟! فبعض الناس تجده مريضاً بأمراض كثيرة، فلو أن الله هو ظهره فلن يخسر شيئاً، وعندما يتخلى الله عن العبد فلن يكسب العبد شيئاً، نسأل الله أن يكون لنا ذخراً وسنداً في حياتنا؛ إن ربنا على كل شيء قدير.