للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يتوقف على تصور المناسب، والمتوقف إنما هو معرفة كون هذا الشيء المُعَيَّن مقصوداً من شرع حُكْمٍ مُعَيَّنٍ على المناسب له بخصوصه (١).

الاعتراضات الواردة على التعريف والجواب عنها:

١ - اعترض الإسنوي على التعريف: بأن المناسب قد يكون ظاهراً منضبطاً وقد لا يكون، بل يكون خفياً أو مضطرباً، والتعريف لا ينطبق إلا على الأول، فيكون غير جامع (٢).

والجواب: أن هذا تعريفٌ للمناسب الذي يصلح أن يكون عِلَّةً بنفسه؛ لأن المناسب إذا كان ظاهراً منضبطاً كان العِلَّة بنفسه، وإن كان خفياً أو مضطرباً اعتُبِر للعِلِّية وصفٌ آخر ظاهرٌ منضبطٌ يلازم ذلك الوصف ملازمةً عقليةً أو عاديةً أو عرفية، ويُعبَّرُ عن هذا الوصف الملازم بـ " المَظِنَّة " (٣).

وهذا الجواب مبنيٌّ على تسليم أن المناسب ينقسم إلى القسمين المذكورين، والظاهر أن المنقسم إليهما هو مُطْلَق الوصف، أما المناسب فلا يكون إلا ظاهراً منضبطاً، فعلى ذلك يكون الوصف المناسب في القسم الثاني هو الوصف الملازم المُعَبَّرُ عنه بالمَظِنَّة كالسفر دون المشقة، وإن كانت مناسبته باعتبار ما يُظَنُّ فيه من المشقة فلا يَرِدُ هذا الإشكال من أصله؛ لأن الكلام - هنا - في المناسب الذي يصح أن يكون عِلَّةً، لا في المناسب مطلقاً (٤).

٢ - اعترض صفي الدين الهندي على التعريف بأنه: اعْتَبَرَ في ماهية المناسبةِ اقترانَ الحُكْم بالوصف، وهو خارجٌ عنها، بدليل أن يقال: المناسبة دليل العِلِّية، ولو كان الاقتران داخلاً في الماهية لما صح (٥).


(١) ينظر: نبراس العقول (٢٧٠).
(٢) ينظر: نهاية السول (٤/ ٧٨).
(٣) ينظر: الآيات البينات على شرح المحلي على جمع الجوامع (٤/ ٩٠)، حاشية البناني على شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٢٧٥ - ٢٧٦)، حاشية العطار على شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٣١٩)، سلم الوصول للمطيعي (٤/ ٧٨).
(٤) ينظر: تقريرات الشربيني على حاشية البناني (٢/ ٣١٩)، نبراس العقول (١/ ٢٧١).
(٥) ينظر: نهاية الوصول (٨/ ٣٢٩٠).

<<  <   >  >>