للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب: أن الاقتران المُعْتَبَر دليلاً في الإيماء هو اقتران وصفٍ ملفوظٍ أو مقدَّرٍ مع الحُكْم، والترتيب المأخوذ في التعريف معناه أن الحُكْم شُرِعَ لأجله من غير لزوم أن يكون مذكوراً معه أو مقدَّراً في نظم الكلام، ولو عمَّمْنا في الوصف المقترن في الإيماء بأن جعلناه شاملاً للمُسْتَنْبَطِ لزم أن يكون الإيماء في كلِّ صور العِلَّة (١).

٣ - اعترض صفي الدين الهندي - أيضاً - على التعريف بأنه: غير جامع؛ لأنه لا يشمل الحكمةَ الظاهرةَ المنضبطةَ؛ فإنه يجوز التعليل بها عند صاحب هذا الحدِّ - أي: الآمدي - وهي مناسب، والوصفية غير متحقِّقةٍ فيها (٢).

والجواب: أن الحكمة تُطْلَق بإطلاقين، تُطْلَق أوَّلاً على ما كانت واسطةً في ترتيب الحُكْم على الوصف كالمشقة، وتطلق ثانياً على المقصود للشارع من شرع الحُكْم كالتخفيف، والظاهر أن مرادهم بالحكمة التي يجوز التعليل بها هي الحكمة بالإطلاق الأول، وهي ما كانت ظاهرةً منضبطة، وحينئذٍ لا يُسَلَّم أنه لا يصدق عليها التعريف (٣).

ومن خلال ما سبق يتقرر أن المناسب هو: " وصفٌ ظاهرٌ منضبطٌ يلزم من ترتيب الحُكْم على وَفْقِهِ حصولُ ما يصلح أن يكون مقصوداً من شرع ذلك الحُكْم".

ومثاله: الإسكار، فإنه وصفٌ ظاهرٌ لاخفاء فيه، منضبطٌ لا اضطراب فيه، يحصل من ترتيب الحُكْم على وَفْقِهِ جلبُ مصلحةٍ هي حفظ العقول، أو دفعُ مفسدةٍ هي زوال العقول (٤).

وإذا كان المناسب بهذا المعنى فالمناسبة - باعتبارها دليلاً على العِلِّية -


(١) ينظر: نبراس العقول (١/ ٢٧٢).
(٢) ينظر: نهاية الوصول (٨/ ٣٢٩١).
(٣) ينظر: نبراس العقول (١/ ٢٧٢).
(٤) ينظر: المستصفى (٣/ ٦٢٠)، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (٢/ ٢٣٩)، الردود والنقود للبابرتي (٢/ ٥٣٧)، البحر المحيط للزركشي (٥/ ٢٠٩)، شرح الكوكب المنير (٤/ ١٥٥).

<<  <   >  >>