للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه عزَّ وجلّ، وقد ثبت ذلك بأدلةٍ منها (١):

١ - الاستقراء، فمن استقرأ أحكامَ الشرع وجدها مقرونةً بتحصيل مصالح العباد ودفع المفاسد عنهم.

٢ - الإجماع، فأئمة الفقه مجمعون على أن أحكام الشرع لا تخلو عن حكمةٍ تعود على العباد بتحصيل المصالح ودفع المفاسد عنهم.

٣ - المعقول، وهو أن العبث سَفَه، والسَّفَهُ صفةُ نقصٍ، والنقص على الله تعالى مُحَال، فثبت أنه لابدَّ من مصلحة، وتلك المصلحة يمتنع عودها إلى الله تعالى بالإجماع، فلابد من عودها إلى العبد، فثبت أنه تعالى شَرعَ الأحكامَ لمصالح العباد.

وإذا ثبت أن الله شرع الأحكامَ لمصالح العباد فالمناسب يحصل من ترتيب الحُكْم عليه ما يصلح أن يكون مقصوداً من جلب مصلحةٍ أو دفع مفسدة، وفي إبطال العمل بالمناسب الذي شهد له الشرع بالاعتبار مناقضةٌ لمقصود الشارع.

ثانياً: إن المناسبة تفيد حصول الظنِّ الغالب على أن ذلك الوصف المناسب عِلَّةً لذلك الحُكْم، والظنُّ يجب العمل به، فثبت أن المناسبة دليلٌ يفيد العِلِّية.

قال إمام الحرمين: " وإذا ثبت حُكْمٌ في أصل، وكان يلوح في سبيل الظنِّ استنادُ ذلك إلى أمر، ولم يناقض ذلك الأمرَ شيءٌ، فهذا هو الضبط الذي لا يُفْرَض عليه مزيد، فإذا أشعرَ الحُكْمُ في ظنِّ الناظر بمقتضىً استناداً إليه فذلك المعنى هو المظنون عَلَمَاً وعِلَّةً لاقتضاء الحكم، فإذا ظهر هذا وتبيَّن أن الظنَّ كافٍ، وتوقُّعَ الخطأ غيرُ قادحٍ، ولا مانعٍ من تعليق الحُكْم، كان ذلك كافياً بالغاً " (٢).


(١) ينظر: المحصول (٥/ ١٧٢ - ١٧٥)، الإحكام للآمدي (٣/ ٣٥٧ - ٣٥٩)، نهاية السول (٤/ ٩٧ - ٩٨)، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب (٢/ ٢٣٨)، البحر المحيط للزركشي (٥/ ٢٠٧ - ٢٠٨)، إرشاد الفحول (٢/ ٨٩٨ - ٨٩٩ ... ).
(٢) البرهان: (٢/ ٨٠٤).

<<  <   >  >>