للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفي ما عُلِمَ إلغاؤه والغريب المرسل، وأنه يجب على الحنفية قبول الملائم من المرسل (١).

والتحقيق أن المناسب المرسل -الذي لم يشهد له دليلٌ مُعَيَّنٌ بالإلغاء أو الاعتبار وهو ملائمٌ لتصرُّفات الشارع في الجملة- معتبرٌ في جميع المذاهب الأربعة، وإن صرَّحوا بخلاف ذلك كما سيأتي (٢)، وهو المُسمَّى بـ: "المصلحة المرسلة".

قال القرافي: " وأما المصلحة المرسلة فالمنقول أنها خاصَّةٌ بِنَا، وإذا افتقَدتَّ المذاهب وجدتهم إذا قاسوا وجمعوا وفرَّقوا بين المسألتين لا يطلبون شاهداً بالاعتبار لذلك المعنى الذي به جمعوا وفرَّقوا، بل يكتفون بمُطْلَق المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة، فهي حينئذٍ في جميع المذاهب" (٣).

٤ - يَعْتَبر الجمهورُ أن "الإخالة" من مُسَمَّيات "المناسبة"؛ لأن المجتهد يُخَال -أي: يُظَنّ- كون ذلك الوصف عِلَّةً لذلك الحُكْم؛ للملائمة بينهما (٤).

بينما تُعْتَبر "الإخالة" عند الحنفية ظناً مجرداً عن اعتبار الشرع له بملائمة الحُكْم للوصف (٥).

وبهذا يظهر أن مخالفة الحنفية للجمهور في اعتبار مسلك المناسبة إنما يرجع إلى تسميتها بـ: "الإخالة"، وهي تسميةٌ تُوهِمُ -ظاهراً- باعتماد المجتهد على الظنِّ المجرَّد في إبداء الملائمة بين الوصف والحُكْم، وهذا المعنى غير مقبولٍ مطلقاً عند الجمهور؛ حيث إنهم لا يقبلون دعوى المناسبة بمجرَّد الاعتماد على الظنّ، بل ينحصر المناسب المقبول عندهم في الوصف الذي اعتبر الشارعُ نوعَه في نوعِ الحُكْم أو جنسِه، أو اعتبر جنسَه في جنسِ الحُكْم أو نوعِه (٦).


(١) ينظر: التقرير والتحبير (٣/ ١٥١)، تيسير التحرير (٣/ ٣١٥).
(٢) ينظر: (٣٧٧ - ٣٧٨).
(٣) شرح تنقيح الفصول: ( ... ٣٠٦).
(٤) ينظر: (١٥٠).
(٥) ينظر: (١٥٦).
(٦) ينظر: (١٥٠ - ١٥١).

<<  <   >  >>