للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" فصلٌ في تغيُّر الفتوى واختلافها بحسب تغيُّر الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيَّات والعوائد ".

وقال في بيان أهميته: " هذا فصلٌ عظيم النفع جداً، وقد وقع بسبب الجهل به غلطٌ على الشريعة أوجبَ من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه ما يُعْلم أن الشريعة الباهرة التي هي أعلى رتب المصالح لا تأتي به" (١).

ثم أقام الأدلة على صحة ذلك، وذكر عليه أمثلةً كثيرةً من أبواب فقهية متفرِّقة (٢).

ومن الأمثلة التي ذكرها على تغيُّر الفتوى بتغيُّر العرف والعادة: الاجتهاد في موجبات الأيمان والإقرار والنُّذور، وألفاظ الطلاق والعتاق والأوقاف والوصايا، وغيرها مما يتعلق اللفظ فيها بعُرْف المتكلِّمين به (٣).

وقال - رحمه الله -: " لا يجوز له أن يفتي في الإقرار والأيمان والوصايا وغيرها مما يتعلق اللفظ بما اعتاده هو من فَهِمَ تلك الألفاظ دون أن يعرف عُرْف أهلها والمتكلِّمين بها فيحملها على ما اعتادوه وعرفوه، وإلا كان مخالفاً لحقائقها الأصلية، فمتى لم يفعل ذلك ضلَّ وأضلّ " (٤).

ومما يتخرَّج - أيضاً - على هذا الأصل: تغيُّر بعض الأحكام المتعلِّقة بالنقود في المعاملات، والعيوب في البيوعات، وذلك بحسب تغيُّر العوائد في تلك الأحكام.

قال القرافي: " الأحكام المترتِّبة على العوائد تدور معها كيفما دارت، فتبطل معها إذا بطلت، كالنقود في المعاملات، والعيوب في الأعراض في البياعات ونحو ذلك، فلو تغيَّرت العادة في النقد، والسِّكَّة إلى سِكَّةٍ أخرى لحُمِل الثمنَ في البيع عند الإطلاق على السِّكَّة التي تجدَّدت العادة بها دون ما قبلها، وكذلك إذا كان الشيء عَيْبَاً في الثياب في عادةٍ رددنا به المبيع، فإذا


(١) المرجع السابق.
(٢) ينظر: المرجع السابق (٤/ ٣٣٧ - ٥٥٢).
(٣) ينظر: المرجع السابق (٤/ ٤٢٦ - ٤٧٠).
(٤) المرجع السابق: (٦/ ١٥١).

<<  <   >  >>