للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الآمدي: " فهذه هي الصيغ الصريحة في التعليل وعند ورودها يجب اعتقاد التعليل، إلا أن يدلَّ الدليل على أنها لم يُقْصَد بها التعليل فتكون مجازاً فيما قُصِد بها " (١).

أما الإيماء فهو: "اقتران الوصف بحُكْمٍ لو لم يكن الوصف - أو نظيره - للتعليل لكان ذلك الاقتران بعيداً من فصاحة كلام الشارع، وكان إتيانه بالألفاظ في غير مواضعها، مع كون كلام الشارع منَّزهاً عن الحشو الذي لا فائدة فيه" (٢).

ومن الأمثلة على النصِّ الصريح الكاشف عن مناطات الأحكام في السُّنة النبوية:

- قوله صلى الله عليه وسلم في النهي عن أكل لحوم الأضاحي في أول الأمر: "إنما نهيتكم من أجل الدَّافَّة فكلوا وادَّخروا وتصدَّقوا " (٣).

أي: لأجل التوسعة على الطائفة التي قدمت المدينة أيام التشريق, وهم قومٌ وردوا عُرْباً، فأمرهم أن لا يدَّخروا لحوم الأضاحي توسعةً عليهم (٤).

والدَّافَّة بتشديد الفاء: قومٌ يسيرون جميعاً سيراً خفيفاً , ودفَّ يدِفُّ بكسر الدال, ودَّافَّة الأعراب: من يَرِدُ منهم المِصْر, والمراد هنا مَنْ وَرَدَ من ضعفاء الأعراب للمواساة (٥).

فقوله صلى الله عليه وسلم: " من أجل الدَّافَّة" نصٌ صريحٌ على مناط الحُكْم, وهو النهي عن أكل الأضاحي ثلاثة أيام.

ومن الأمثلة على النصِّ الظاهر الكاشف عن مناطات الأحكام في السُّنة النبوية:


(١) الإحكام: (٣/ ٣١٩).
(٢) شرح الكوكب المنير: (٤/ ١٢٥).
(٣) أخرجه مسلم في "صحيحه", كتاب الأضاحي , باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام، وبيان نسخه وإباحته إلى متى شاء, رقم (١٩٧١) من حديث عبدالله بن واقد رضي الله عنه.
(٤) ينظر: الإبهاج (٣/ ٤٣ - ٤٤) , شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٣٥٩) , شرح الكوكب المنير (٤/ ١١٨)
(٥) ينظر: شرح صحيح مسلم للنووي (١٣/ ١٢٩) , فتح الباري لابن حجر (١٠/ ٢٧).

<<  <   >  >>