للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- قوله صلى الله عليه وسلم في المُحْرِم الذي وقصته (١) ناقته: " اغسلوه بماء وسدر، وكفِّنوه في ثوبين، ولا تحنِّطوه، ولا تخمِّروا رأسه (٢)، فإنه يُبْعَث يوم القيامة ملبياً" (٣).

وقد اختلفوا في التعليل " بإنّ " المشدَّدة المكسورة هل هو صريح, أو ظاهر, أو إيماء, كما في قوله - صلى الله عليه وسلم: " فإنه يُبْعَث يوم القيامة ملبيَّاً "؟

ذهب الآمدي (٤)، وابن الحاجب (٥) إلى أنه صريحٌ في التعليل، خصوصاً فيما لحقته الفاء؛ فإنها يزاد بها تأكيداً لدلالتها على أن ما بعدها سببٌ للحُكْم قبلها.

وعند البيضاوي (٦) , وابن السُّبكي (٧): أن التعليل بـ "إنّ" من قسم الظاهر.

قال ابن العطَّار: " قوله «فإنه يُبْعَث يوم القيامة ملبيا» عِلَّةً لقوله «لا تمسُّوه طيباً، ولا تخمِّروا رأسه» , فإن النهي يفيد التحريم الذي هو من الأحكام الشرعية" (٨).

وهذه العِلَّة إنما ثبتت لأجل الإحرام فتعمّ كلَّ مُحْرِم (٩).

قال ابن حجر (١٠): " وقد وضح أن الحكمة في ذلك استبقاء شعار الإحرام , كاستبقاء دم الشهيد" (١١).


(١) الوقص: كسر العنق. ينظر: فتح الباري لابن حجر (٣/ ١٣٦).
(٢) أي: لا تغطوه. ينظر: فتح الباري (٣/ ١٣٦).
(٣) أخرجه البخاري , كتاب الجنائز , باب الكفن في ثوبين , رقم (١٢٦٥) , وأخرجه مسلم , كتاب الحج ,
باب مايفعل بالمحرم إذا مات , رقم (١٢٠٦) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(٤) ينظر: الإحكام (٣/ ٣١٨ - ٣١٩).
(٥) ينظر: مختصر ابن الحاجب (٢/ ١٠٧٢).
(٦) ينظر: منهاج الوصول (٥٨).
(٧) ينظر: جمع الجوامع (٨٨).
(٨) حاشية ابن العطَّار على شرح المحلي على جمع الجوامع: (٢/ ٣٠٧).
(٩) ينظر: إحكام الأحكام لابن دقيق العيد (١/ ٣٦٨) , فتح الباري لابن حجر (٣/ ١٣٧).
(١٠) هو: أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني، شهاب الدين ابن حجر، من أكابر فقهاء المحدثين، عالمٌ محقِّق، ولي قضاء مصر مرات ثم تركه، من مؤلفاته: فتح الباري شرح صحيح البخاري (ط)، والإصابة في معرفة الصحابة (ط)، ولسان الميزان (ط) في علم الجرح والتعديل، توفي بالقاهرة سنة (٨٥٢ هـ).
ينظر في ترجمته: الضوء اللامع (٢/ ٣٦)، البدر الطالع (١/ ٨٧)، الأعلام للزركلي (١/ ١٧٨).
(١١) فتح الباري (٣/ ١٣٧).

<<  <   >  >>