للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الإسنوي: " يجوز أن يُستنَبط من النصِّ معنىً يزيد على ما دل عليه، وهذا هو القياس المعروف .. " (١).

ثم خرَّج على هذا الأصل مسألة: " جواز الاستنجاء بكلِّ جامدٍ طاهرٍ قالِعٍ غيرِ مُحْتَرمٍ استنبطوه من قوله عليه السلام: " وليستنج بثلاثة احجار" (٢).

خامسا: قد يثبت الحُكْم بالنصّ , ويدل ظاهر النصِّ على تعليل الحُكْم بالأوصاف المذكورة فيه , وينعقد الإجماع على حذف الأوصاف التي عُلم قطعاً أنه لاتأثير لها في الحكم, ثم يقع الاختلاف في حذف الأوصاف المظنونة التي تحتمل التأثير وعدمه, وتعيين الباقي مناطاً للحكم.

وتُعَدُّ هذه الصورة إحدى صور الاجتهاد في تنقيح المناط كما تقدم (٣).

ومثاله: قصة الأعرابي الذي جامع أهله في رمضان، وجاء يضرب صدره وينتف شعره - كما في بعض الروايات - ويقول: هلكت، واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أعتق رقبة" (٤).

فكونه أعرابياً، وكونه يضرب صدره، وينتف شعره، وكون الموطوءة زوجته، وكونه وَاَقَع أهله في ذلك الشهر بعينه، كُلُّها أوصافٌ عُلِم قطعاً أنها لا تصلح للعِلِّية، فانعقد الإجماع على حذفها عن درجة الاعتبار، ثم وقع الاختلاف في كونه أفسد صوماً محترماً، أو كونه وقاعُ مكلَّفٍ في نهار رمضان (٥).

قال الغزالي: " فإنَّا نُلْحِق به أعرابياً آخر بقوله - عليه السلام -: «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» (٦) أو بالإجماع على أن التكلَّيف يَعمُّ الأشخاص، ولكنَّا


(١) التمهيد في تخريج الفروع على الأصول: (١/ ٣٧٣).
(٢) المرجع السابق: (١/ ٣٧٤).
(٣) ينظر: (٦٤ - ٦٥).
(٤) سبق تخريجه: (٦٦).
(٥) ينظر: (٦٥).
(٦) هذا الحديث ليس له أصلٌ بهذا اللفظ.
ينظر: المقاصد الحسنة (١٩٢ - ١٩٣)، كشف الخفاء (١/ ٤٣٦ - ٤٣٧)، الفوائد المجموعة للشوكاني (١٨٥).

<<  <   >  >>