للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نُلْحِق التركي والعجمي به؛ لأنَّا نعلم أن مناط الحُكْم وقاع مكلفٍ لا وقاع أعرابي، ونُلْحِق به مَنْ أفطر في رمضان آخر؛ لأنَّا نعلم أن المناط هَتْكُ حُرْمَة رمضان لا حُرْمَة ذلك الرمضان، بل نُلْحِق به يوماً آخر من ذلك الرمضان, ولو وطئ أَمَتَه أوجبنا عليه الكفارة؛ لأنَّا نعلم أن كون الموطوءة منكوحةً لا مدخل له في هذا الحُكْم، بل يُلْحَق به الزنا؛ لأنه أشدُّ في هتك الحُرْمَة، إلا أن هذه الحالات معلومة ... وقد يكون حذف بعض الأوصاف مظنوناً فينقدح الخلاف فيه، كإيجاب الكفارة بالأكل، والشرب؛ إذ يمكن أن يقال: مناط الكفارة كونه مُفْسِداً للصوم المُحْتَرَم، والجماع آلة الإفساد، كما أن مناط القصاص في القتل بالسيف كونه مُزْهِقاً روحاً مُحْتَرَمَة، والسيف آلة، فيُلْحَق به السِّكِّين، والرُّمح، والمُثَقَّل، فكذلك الطعام، والشراب آلة، ويمكن أن يقال: الجماع مما لا تنزجر النفس عنه عند هيجان شهوته لمجرد وازع الدين، فيُحتَاج فيه إلى كفارةٍ وازعةٍ بخلاف الأكل, وهذا مُحْتَمَل." (١).

سادسا: قد يثبت الحُكْم الشرعي , ويثبت مناطه بطريقٍ من الطرق المُعْتَبَرة , ثم ينعقد الإجماع على تحقُّق ذلك المناط في بعض جزئياته (٢).

وانعقاد الإجماع على إثبات متعلَّق حُكمٍ شرعي في بعض أفراده هذا يستلزم الاتفاق على ثلاثة أشياء:

الأول: الاتفاق على حُكْم الأصل.

الثاني: الاتفاق على مناط الحُكْم في الأصل.

الثالث: الاتفاق على ثبوت مناط الحُكْم في ذلك الفرع.

ومثاله: اتفاق المجتهدين على تحريم وطء الحائض؛ لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] وهو اتفاقٌ منهم على حُكْم الأصل، ثم اتفقوا على أن


(١) المستصفى: (٣/ ٤٨٨ - ٤٩٠).
(٢) ينظر: (٢٦٤).

<<  <   >  >>