للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و"ضابط الإطلاق أنك تقتصر على مُسمَّى اللفظة المفردة، نحو رقبة ,أو إنسان, أو حيوان، ونحو ذلك من الألفاظ المفردة، فهذه كلها مُطْلَقَات، ومتى زدتَ على مدلول اللفظة مدلولاً آخر بلفظٍ أو بغير لفظٍ صار مقيَّداً ,كقولك: رقبةٌ مؤمنة، أو إنسانٌ صالح، أو حيوانٌ ناطق، وهذه المُطْلَقَات هي في أنفسها مقيَّداتٌ إذا أُخذت مسمياتها بالنسبة إلى ألفاظٍ أُخَر، فإن الرقبة هي إنسانٌ مملوكٌ وهذا مقيَّد، والإنسان حيوانٌ ناطقٌ وهذا مقيَّد، والحيوان جسمٌ حسّاسٌ وهذا مقيَّد، فصار التقيِّيد والإطلاق أمرين نسبيين بحسب ما يُنسب إليه من الألفاظ، فرُبَّ مُطْلَق مقيَّد، ورُبَّ مُقيَّدٍ مُطلَق" (١).

والكلام في تقييد المُطْلَق بقول الصحابي كالكلام المتقدِّم آنفاً في تخصيص العموم بقول الصحابي وفاقاً, وخلافاً, واستدلالاً.

قال العلائي: " وأما تقييد الصحابي الخبرَ المُطْلَق فهو كتخصيصه العامَّ من غير فرق, وذلك ظاهر" (٢).

وقال ابن النجَّار الفتوحي: " وهما - أي: المُطْلَق والمقيَّد- كعامٍّ وخاصٍّ فيما ذُكِر من تخصيص العموم من مُتَفَقٍ عليه ومُختلَفٍ فيه ومختارٍ من الخلاف , فيجوز تقييد الكتاب بالكتاب وبالسُّنَّة، وتقييد السُّنَّة بالسُّنَّة وبالكتاب، وتقييد الكتاب والسُنَّة بالقياس, ومفهوم الموافقة والمخالفة, وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وتقريره، ومذهب الصحابي ونحو ذلك، على الأصح في الجميع" (٣).

سادسأً: إذا تعارضت عِلَّتان وكان مع إحداهما قولٌ لصحابي ترجحت العِلَّة التي تتفق مع قول الصحابي على العِلَّة الأخرى.

لأن قول الصحابي يصدر عن تعليله في مسائل الاجتهاد , وعِلَّته أقوى من عِلَّة غيره؛ لأنه شهد التنزيل, وعرف التأويل , فهو أعلم بتعليل الرسول صلى الله عليه وسلم, ومواقع كلامه (٤).


(١) شرح تنقيح الفصول للقرافي: (٢٦٦).
(٢) إجمال الإصابة في أقوال الصحابة: (٨٧).
(٣) شرح الكوكب المنير: (٣/ ٣٩٥).
(٤) ينظر: التمهيد للكلوذاني (٤/ ٢٢٨).

<<  <   >  >>