للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذهب إلى ذلك: الحنفية (١)، والحنابلة (٢).

واستدلوا على ذلك بأدلةٍ , منها:

الأول: أن قول الصحابي مقدمٌ على القياس، بدليل أنه يُترك له القياس؛ وإذا كان القياس يخصِّص العموم؛ فقول الصحابي أولى وأحرى (٣).

الثاني: أن قول الصحابي يستلزم دليلاً، وإلا لكان مخالفاً لظاهر العموم من غير دليل، فيكون فاسقاً، وهو باطلٌ بالاتفاق, وحينئذٍ يكون التخصيص بدليل , فيكون قول الصحابي مخصِّصاً للعموم (٤).

وتخصيص العموم بقول الصحابي يتخرَّج على القول بأن مذهبه حُجَّة , وإذا كان كذلك لم يَحْتَجْ إلى نصب استدلالٍ عليه لظهور المُدْرَك (٥).

خامساً: قول الصحابي إذا ثبت ولم يُعلَم له مخالفٌ فإنه يقيِّد المُطْلَق الوارد في الكتاب والسُّنَّة (٦).

والمراد: أن يرد نصٌّ مُطْلَق في الكتاب أو السُّنَّة ,فيقيِّده الصحابي ببعض أفراده, سواءٌ كان هو الراوي في حال كونه خبراً, أو لم يكن هو راوي ذلك الخبر.

و"التقيِّيد والإطلاق أمران اعتباريان، فقد يكون المقيِّد مُطْلَقاً بالنسبة إلى قيدٍ آخر, كالرقبة مقيَّدةٌ بالمِلك مُطْلَقَةٌ بالنسبة إلى الأَيمان، وقد يكون المُطْلَق مقيَّداً ,كالرقبة مُطْلَقَةٌ وهي مقيَّدةٌ بالرِّق، والحاصل أن كلَّ حقيقةٍ اعتُبِرت من حيث هي هي فهي مُطْلَقَةٌ، وإن اعتُبِرت مضافةٌ إلى غيرها فهي مقيَّدة" (٧).


(١) ينظر: تيسير التحرير (١/ ٣٢٦) ,فواتح الرحموت (١/ ٣٧٢).
(٢) ينظر: العدة (٢/ ٥٧٩) , التمهيد للكلوذاني (٢/ ١١٩) , البحر المحيط للزركشي (٣/ ٤٠٠).
(٣) ينظر: العدة (٢/ ٥٧٩) , التمهيد للكلوذاني (٢/ ١٢٠).
(٤) ينظر: شرح تنقيح الفصول (١٧٢) ,بيان المختصر للأصفهاني (٢/ ٣٣٣) , الإبهاج (٢/ ١٩٣) ,فواتح
الرحموت (١/ ٣٧٢).
(٥) ينظر: إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (٨٧).
(٦) ينظر: إجمال الإصابة في أقوال الصحابة (٨٧) ,شرح المحلي على جمع الجوامع مع حاشية البناني (٢/ ٤٨ -
٤٩) , التقرير والتحبير (٢/ ٢٦٦) , تيسير التحرير (٣/ ٧٣) , شرح الكوكب المنير (٣/ ٣٩٥) , نشر
البنود (١/ ٢٦٦).
(٧) شرح تنقيح الفصول للقرافي: (٢٦٦).

<<  <   >  >>