للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم جاء ابن قدامة المقدسي المتوفى سنة (٦٢٠ هـ) وعقد فصلاً في أول باب القياس من كتابه "روضة الناظر" استفتحه بقوله: " ونعني بالعِلَّة: مناط الحُكْم" (١)، ثم قال: "والاجتهاد في العِلَّة على ثلاثة أضرب: تحقيق المناط للحُكْم، وتنقيحه، وتخريجه" (٢)، وقد سلك بهذا مسلك الغزالي في حصر الأنواع الثلاثة تحت مُسمَّى "الاجتهاد في العِلَّة".

ثم أعقبه أبو الحسن الآمدي المتوفى سنة (٦٣١ هـ) وذيَّل الباب الثاني في مسالك العِلَّة من كتابه "الإحكام" بخاتمةٍ عَنْوَنَ لها بقوله: "خاتمةٌ في أنواع النظر والاجتهاد في مناط الحُكْم، وهو العِلَّة" (٣).

كما أوضح أنواع الاجتهاد في المناط فقال: "ولما كانت العِلَّة مُتَعَلَّقُ الحُكْم ومناطه فالنظر والاجتهاد فيه: إما في تحقيق المناط، أو تنقيحه، أو تخريجه" (٤)، ثم عرَّف كلَّ نوعٍ، وضرب عليه من الأمثلة ما يوضِّح المراد منه (٥).

وبهذا يتبيَّن أن الآمدي استعمل مصطلح "الاجتهاد في مناط الحُكْم " بدلاً عن مصطلح "الاجتهاد في العِلَّة" الذي استعمله الغزالي وابن قدامة، وذلك باعتبار أن "العِلَّة" و "المناط" لفظان مترادفان كلٌّ منهما يُطْلَقُ إزاء الآخر.

ثم جاء الطُّوفي المتوفَّى سنة (٧١٦ هـ) وعدَّد أنواع الاجتهاد في العِلَّة عند ذكرها ضمن أركان القياس في كتابه "شرح مختصر الروضة"، وعرَّف كلَّ نوعٍ، وضرب عليه أمثلةً توضِّح المراد منه (٦)، ثم قال: "هذا إشارةٌ إلى أنواع


(١) روضة الناظر: (٣/ ٨٠٠).
(٢) المرجع السابق: (٣/ ٨٠١).
(٣) الإحكام: (٣/ ٣٧٩).
(٤) المرجع السابق: (٣/ ٣٧٩).
(٥) ينظر: المرجع السابق (٣/ ٣٧٩ - ٣٨١).
(٦) ينظر: شرح مختصر الروضة (٣/ ٢٣٢ - ٢٤١).

<<  <   >  >>