للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاجتهاد في العِلَّة الشرعيَّة المتعلَّقة بالأقيسة، وهو إما بتحقيق المناط، أو تنقيحه، أو تخريجه، والمناط: ما نيط به الحُكْم، أي: عُلِّق به، وهو: العِلَّة التي رُتِّبَ عليها الحُكْم في الأصل " (١)، وقد سلك بهذا مسلك الغزالي وابن قدامة في حصر الأنواع الثلاثة تحت مُسمَّى " الاجتهاد في العِلَّة ".

ثم جاء من بعد الطوفي أبو إسحاق الشاطبي المتوفَّى سنة (٧٩٠ هـ) وذكر في المسألة الأولى من كتاب الاجتهاد في كتابه " الموافقات " أن الاجتهاد على ضربين (٢):

أحدهما: اجتهادٌ لا يمكن أن ينقطع حتى ينقطع أصل التكليف وذلك عند قيام الساعة، وهو الاجتهاد المتعلِّق بتحقيق المناط العام.

والثاني: اجتهادٌ يمكن أن ينقطع قبل فناء الدنيا، وهو ثلاثة أنواع: تنقيح المناط، وتخريج المناط، وتحقيق المناط الخاص.

وبهذا يتضح أن الشاطبي أدخل الأنواع الثلاثة تحت مُسمَّى " الاجتهاد "، ولكن باعتبار انقطاعه وعدمه.

ثم تلا الشاطبي أبو الحسن المرداوي الحنبلي المتوفَّى سنة (٨٨٥ هـ) (٣) وذيَّل مسالك العِلَّة بفوائد، ذكر منها أنواع الاجتهاد في العِلَّة الشرعيَّة المتعلِّقة بالأقيسة، وهي: تحقيق المناط، وتنقيحه، وتخريجه (٤)، وسلك في ذلك مسلك الغزالي وابن قدامة والطُّوفي في حصر الأنواع الثلاثة تحت مُسمَّى" الاجتهاد في العِلَّة ".

ثم جاء ابن بدران الدمشقي (٥) المتوفَّى سنة (١٣٤٦ هـ) وذكر أركان القياس في كتابه "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد"، وبعد أن ذكر العِلَّة عَدَّدَ أنواع الاجتهاد فيها، وهي: تحقيق المناط، وتنقيحه، وتخريجه (٦)، وسلك في ذلك مسلك الغزالي وابن قدامة والطُّوفي والمرداوي في حصر الأنواع الثلاثة تحت مُسمَّى" الاجتهاد في العِلَّة".


(١) المرجع السابق: (٣/ ٣٣٢).
(٢) ينظر: الموافقات (٥/ ١١/٢٣).
(٣) هو: علي بن سليمان بن أحمد المرداوي الدمشقي، من كبار فقهاء الحنابلة، ومحققي المذهب، من مؤلفاته: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (ط)، وتحرير المنقول (ط) مع شرحه التحبير في أصول الفقه، والتنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع (ط) في الفقه، انتقل إلى دمشق وتوفي بها سنة (٨٨٥ هـ)
ينظر ترجمته في: الضوء اللامع (٥/ ٢٢٥)، البدر الطالع (١/ ٤٤٦)، الأعلام للزركلي (٤/ ٢٩٢).
(٤) ينظر: التحبير شرح التحرير (٧/ ٣٤٥١).
(٥) هو: عبدالقادر بن أحمد بن مصطفى بن محمد بدران، فقيهٌ أصولي، حنبلي، كان سلفي العقيدة، حسن المحاضرة، ولي إفتاء الحنابلة في الشام، من مؤلفاته: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد (ط)، ونزهة الخاطر العاطر وشرح روضة الناظر لابن قدامة (ط)، توفي بدمشق سنة (١٣٤٦ هـ)
ينظر ترجمته في: أعيان دمشق لمحمد جميل الشطي (٣٤٥)، الأعلام للزركلي (٤/ ٣٧ - ٣٨).
(٦) ينظر: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد (٣٠٦ - ٣١٠).

<<  <   >  >>