للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواجب فيها، فهو عمومٌ في أصناف الأموال , مُجمَلٌ في المقدار الواجب فيها، فهو مفتقرٌ إلى البيان , ولما ورد البيان من النبي صلى الله عليه وسلم بذكر مقادير الواجبات فيها صحَّ الاحتجاج بعمومها في كلِّ مالٍ اختلفنا في إيجاب الحق فيه، نحو أموال التجارة" (١).

وقال ابن العربي: " قال علماؤنا: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧)} [البقرة: ٢٦٧] يعني: التجارة: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] يعني: النبات, وتحقيق هذا أن الاكتساب على قسمين: منها ما يكون من بطن الأرض وهو النباتات كلها، ومنها ما يكون من المحاولة على الأرض كالتجارة والنتاج, والمغاورة في بلاد العدو، والاصطياد, فأمرَ اللهُ تعالى الأغنياءَ من عباده بأن يؤتوا الفقراء مما آتاهم على الوجه الذي فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم" (٢).

وقال الفخر الرازي: "ظاهر الآية يدل على وجوب الزكاة في كلِّ مالٍ يكتسبه الإنسان، فيدخل فيه زكاة التجارة، وزكاة الذهب والفضة، وزكاة النَّعم، لأن ذلك مما يوصف بأنه مُكتسَب" (٣).

وعن سمرة بن جندب (٤) رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نُعِدُّ للبيع (٥).

وقد استدلَّ العلماء بهذا الحديث على "أن المال الذي يُعَدُّ للتجارة إذا


(١) أحكام القرآن: (١/ ٥٥٤).
(٢) أحكام القرآن لابن العربي: (١/ ٣١٣).
(٣) مفاتيح الغيب: (٧/ ٥٣).
(٤) هو: سمرة بن جندب بن هلال الفزاري، صحابيٌ جليل، من الشجعان القادة، نشأ في المدينة، ونزل
... البصرة، توفي سنة (٦٠ هـ).
ينظر في ترجمته: الاستيعاب (٢/ ٦٥٣)، الإصابة (٣/ ١٥٠)، الأعلام للزركلي (٣/ ١٣٩).
(٥) أخرجه أبوداود في "سننه",باب العروض اذا كانت للتجارة هل فيها من زكاة؟ برقم (٥٦٢١) , والبيهقي
في "السنن الكبرى ",كتاب الزكاة, باب زكاة التجارة, برقم (٧٣٨٨)، وحسَّنه ابن عبدالبر في التمهيد
(٨/ ٤٨٨)

<<  <   >  >>