للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي يجري فيه الشيطان إنما يتولد من الغذاء , لا عن حقنةٍ , ولا كحلٍ , ولا ما يقطر في الذَّكَر , ولا ما يداوي به المأمومة والجائفة , وهو متولِّدٌ عما استُنشِق من الماء؛ لأن الماء مما يتولَّد منه الدم , فكان المنع منه من تمام الصوم , فإذا كانت هذه المعاني وغيرها موجودةً في الأصل الثابت بالنصِّ والإجماع فدعواهم أن الشارع علَّق الحُكْم بما ذكروه من الأوصاف معارَضٌ بهذه الأوصاف , والمعارضة تبطل كلَّ نوعٍ من الأقيسة إن لم يتبين أن الوصف الذي ادعوه هو العِلَّة دون هذا (١).

وبهذا يكون مناط فساد الصوم في ذلك هو: الأكل أو الشرب أو مافي معناهما مما يصل إلى المعدة أو الدم , ويتغذَّى به البدن ويتقوَّى.

وبناءً على ذلك فقد اجتهد مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في تحقيق مناط فساد الصوم بالأكل والشرب ومافي معناهما في الحقن الوريدية المغذِّية دون الحقن الجلدية والعضلية والوريدية غير المغذية, وذلك لأنها تُغذِّي البدن وتقوِّيه , فتقوم مقام الأكل والشرب.

حيث جاء في القرار مانصُّه: " أولاً: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات .. "

ثم ذُكِر من ضمنها: " ٨ - الحُقن العلاجية: الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية ".

كما ورد تعليل الحُكْم بذلك صريحاً في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء , حيث جاء في الفتوى مانصُّه: " يجوز التداوي بالحقن في العضل والوريد للصائم في نهار رمضان، ولا يجوز للصائم تعاطي حقن التغذية في نهار رمضان؛ لأنه في حُكْم تناول الطعام والشراب .. " (٢).

ثانياً: من ضوابط الاجتهاد في تحقيق المناط التصوُّر الصحيح التام للواقعة , ومعرفة حقيقتها , كما تقدم (٣).


(١) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (٢٥/ ٢٤٤ - ٢٤٦).
(٢) فتاوى اللجنة الدائمة: (١٠/ ٢٥٢).
(٣) ينظر: (٢٢٣ - ٢٢٨).

<<  <   >  >>