للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن تيمية (١): " وكثيرٌ من الفقهاء لا يسمِّيه قياساً، بل يثبتون به الكفارات والحدود، وإن كانوا لا يثبتون ذلك بالقياس، فإنه هنا قد عُلِمَ يقيناً أن الحُكْم ليس مخصوصاً بمورد النصِّ، فلا يجوز نفيه عما سواه بالاتفاق كما يمكن ذلك في صور القياس المحض " (٢).

ولهذا قال الغزالي: " فمن جحد هذا الجنس من منكري القياس وأصحاب الظاهر لم يَخْفَ فسادُ كلامه " (٣).

وقال أيضاً: " ولذلك لا يُتَصَّور الخلاف من القائسين في هذا الجنس" (٤).

وقال الأمين الشنقيطي: " لا ينكره - أي: تنقيح المناط - إلا مكابر" (٥).

ومع اتفاق العلماء على اعتبار العمل بـ " تنقيح المناط " إلا أنهم اختلفوا في تسميته، وهل هو من باب القياس أو لا؟

أما جمهور الأصوليين فقد اصطلحوا على تسميته بـ "تنقيح المناط" (٦)، واعتبروه قياساً خاصاً مندرجاً تحت مُطْلَق القياس (٧).

قال صفي الدين الهندي: " والحقُّ أن تنقيح المناط قياسٌ خاصٌّ مندرجٌ تحت مُطْلَق القياس، وهو عامٌّ يتناوله وغيرَه " (٨).

بينما اصطلح الحنفية على تسميته بـ" الاستدلال "، وفرَّقوا بينه وبين القياس: بأن القياس يجري فيه إلحاق الفرع بالأصل بذكر الجامع الذي لا


(١) هو: أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني الدمشقي الحنبلي، يلقب بشيخ الإسلام، كان إماماً في العلوم النقلية والعقلية، عارفاً بالفقه واختلافه، أنكر مقالات أهل البدع، وردَّ على أهل الكتاب، وشارك في قتال أهل التتار، له رسائل ومؤلفات نفيسة، من أهمها درء تعارض العقل والنقل (ط)، ومنهاج السنة (ط)، واقتضاء الصراط المستقيم (ط)، وجمعت أكثر رسائله وفتاويه في مجموع الفتاوى (ط)، توفي سنة (٧٢٨ هـ).
ينظر في ترجمته: تذكرة الحفاظ للذهبي (٤/ ١٩٢)، الدرر الكامنة (١/ ١٤٥)، الأعلام للزركلي (١/ ١٤٤)
(٢) درء تعارض العقل والنقل: (٧/ ٣٣٩ - ٣٤١).
(٣) المستصفى: (٣/ ٤٩٠).
(٤) شفاء الغليل: (٤١٥).
(٥) أضواء البيان: (٤/ ١٧٢).
(٦) ينظر: المستصفى (٣/ ٤٨٨)، المحصول (٥/ ٢٢٩)، الإحكام للآمدي (٣/ ٣٨٠)، شرح تنقيح الفصول (٣٨٨)، شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٢٤١)، نهاية السول (٤/ ١٢٨)، شرح المحلي على جمع الجوامع (٢/ ٢٩٢)، شرح الكوكب المنير (٤/ ١٣١).
(٧) ينظر: نهاية الوصول (٨/ ٣٣٨١)، الإبهاج (٦/ ٢٣٩٦)، البحر المحيط للرزكشي (٧/ ٣٢٣)، إرشاد الفحول (٢/ ٦٤١).
(٨) نهاية الوصول: (٨/ ٣٣٨١).

<<  <   >  >>