للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشافعي - رضي الله عنه - ينازعه في دليل الحذف، وإلا فهما متفقان على صحة هذا النوع من النظر" (١).

وقال ابن تيمية: " وهذا مما لا خلاف فيه بين الناس نعلمه، نعم قد يختلفون في نفس الموجِب: هل هو مجموع تلك الأوصاف أو بعضها" (٢).

وتتلخص أدلة اعتبار العمل بـ"تنقيح المناط" في الآتي:

١ - إذا كان الحُكْم مُعَلَّلاً وَجَبَ على المجتهد البحث عن عِلَّة الحُكْم، وإذا أُثْبِتَتْ العِلَّة بمسلك النصِّ أو الإيماء والتنبيه ثم اقترنت بها أوصافٌ ليس لها تأثيرٌ في الحُكْم وجب على المجتهد تهذيب الوصف الذي تعلَّق به الحُكْم؛ حتى تتعين العِلَّة، ولا يدخل فيها من الأوصاف ما ليس له مدخلٌ في التأثير أو يخرج منها ما هو من الأوصاف المُعْتَبرة، وإلا مُنِعَ الحُكْم في موضع وجود العِلَّة، أو أُثْبِتَ في غير مواضع وجودها.

قال ابن الهمام الحنفي: " ولا شك أن معنى تنقيح المناط واجبٌ على كلِّ مجتهدٍ حنفيٍّ وغيرِه، وإلا مُنِعَ الحُكْم في موضع وجود العِلَّة" (٣).

قال الشارح ابن أمير بادشاه (٤): " فيمنع وجوب الكفارة على غير الأعرابي، وعلى من جامع في رمضان غير أهله؛ لعدم حذف الزوائد من الصفات التي لا مدخل لها في العِلَّة " (٥).

٢ - إن المجتهد إذا علم يقيناً أو غلب على ظنِّه أن الحُكْم ليس مخصوصاً بما ورد في النصِّ من أوصافٍ اقترنت بالحُكْم، بل يتعلَّق بمعنىً أعمَّ فلا يجوز حينئذٍ للمجتهد أن ينفي الحُكْم عن غير ما ورد به النصِّ؛ لأن في ذلك تخصيصاً للحُكْم لم يقصده الشارع.

فقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقضيَنَّ حَكَمٌ بين اثنين وهو غضبان " (٦)، يدل ظاهراً على


(١) المقترح في المصطلح: (٢١٧).
(٢) الصارم المسلول: (٢/ ٣٣٧ - ٣٣٨).
(٣) التحرير في أصول الفقه مع شرحه تيسير التحرير: (٤/ ٤٣).
(٤) هو: محمد أمين بن محمود البخاري، المعروف بأمير بادشاه، فقيهٌ، حنفيٌّ، من أهل بخارى، كان نزيلاً بمكة، من مؤلفاته: تيسير التحرير في شرح التحرير في أصول الفقه لابن الهمام الحنفي (ط)، وشرح تائية ابن الفارض، وغيرهما، توفي تقريباً سنة (٩٧٢ هـ).
ينظر ترجمته في: كشف الظنون (١/ ٣٥٨)، هدية العارفين (٦/ ٣٤٩)، الأعلام للزركلي (٦/ ٤١).
(٥) تيسير التحرير: (٤/ ٤٣).
(٦) سبق تخريجه: (٦٤).

<<  <   >  >>