للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الحُكْم مُعَلّلٌ بوصف " الغضب "، إلا أنه ثبت بالنظر والاجتهاد أن الحُكْم ليس مخصوصاً بذلك الوصف، بل يشمل كلَّ ما يُشْغِل القلبَ ويمنع من استيفاء النظر، فإذا عُلِمَ يقيناً أو غلب على الظن أن الحُكْم ليس مخصوصاً بذلك الوصف لذاته، بل يتعلَّق بالمعنى الأعمِّ الذي هو لازمه، فإنه لا يجوز حينئذٍ للمجتهد نفي الحُكْم عما سواه مما هو في معناه.

قال ابن تيمية: " فإن - هنا - قد عُلِم يقيناً أن الحُكْم ليس مخصوصاً بمورد النصِّ، فلا يجوز نفيه عما سواه بالاتفاق " (١).

٣ - إن الأصل في كلِّ مِثْلَيْن أن يكون حكمهما واحداً، فإذا حصل التساوي بين صورتين ولم يوجد بينهما فارقٌ فالظنُّ القوي القريب من القطع أنهما مستويان في الحُكْم، فإذا حصل اعتقادٌ أو ظنٌ غالبٌ بذلك وجبت التسوية بينهما في الحُكْم، وإذا حصل اعتقادٌ أو ظنٌ غالبٌ بوجود الفرق بينهما وجبت التفرقة بينهما أيضاً في الحُكْم؛ لأنه لا يجوز التفريق بين المتماثلات والتسوية بين المختلفات، لا شرعاً ولا عقلاً ولاعادةً (٢).

والإلحاق بنفي الفارق أحد صور تنقيح المناط إذا تهذَّبت العِلَّة وتعيَّنت، كما سيأتي بيانه في العلاقة بين تنقيح المناط وإلغاء الفارق (٣).


(١) درء تعارض العقل والنقل: (٧/ ٣٤١).
(٢) ينظر: شرح تنقيح الفصول (٣٩٩)، رفع النقاب عن تنقيح الشهاب (٥/ ٣٧٩).
(٣) ينظر: (١٠٠).

<<  <   >  >>