[توضيح اللحن الجلي وضرب الأمثلة على ذلك]
السؤال
ما هو اللحن الجلي مع توضيح ذلك؟
الجواب
اللحن الجلي: هو أن يلحن في تشكيل حرف، أو ألا يخرج لسانه في حرف يستوجب الإخراج، مثل قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:١١]، فيقول فيها: فحدس، فكلمة (حدس) لها معنى آخر، و (حدث) لها معنى آخر، ويعتبر لحناً جلياً؛ لأنه غير معنى الكلمة.
كذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ} [فاطر:٢٨] فالقارئ رفع لفظ الجلالة وقال: إنما يخشى اللَّهُ، والقراءة المتواترة: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ} [فاطر:٢٨] فإن قال: (اللهَ) غير المعنى.
كذلك: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة:٣]، يعني: أن الله والرسول بريئان من المشركين، فإنه قال: (ورسولَهِ) أثبت أن الله بريء من رسوله! فغير المعنى، فانتبه يا عبد الله! فهذا معناه أن التشكيل يغير المعنى ويجعل للكلمة موقعاً آخر.
وبعض الإخوة يخطئ في القراءة بأن يقف في غير الموقف الصحيح، كأن يقول: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر:١٦]، ويريد أن يبدع فيقول: {الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر:١٦] وهذا خطأ؛ لأن {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر:١٦] جملة، و {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:١٦] جملة أخرى، فإن بدأ بقوله: {الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر:١٦] غير موقع كلمة الملك.
مثل ذلك: {وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى} [الأعلى:١١]، فيخطئ ويقول: {الأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى} [الأعلى:١١ - ١٢]، فجعل الأشقى مبتدأً، وأصلها: {وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى} [الأعلى:١١].
ومثل ذلك: قوله تعالى في سورة يوسف: {الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف:٥١]، فيخطئ في هذه القراءة فيقول: {الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف:٥١]، وكأنه لغز، فيغير المعنى تماماً ويظن أنه يبدع في القراءة.
فبعض الناس يقرأ وهو لا يتقن البدء، لذلك هناك ما يسمى عند العلماء في القرآن بالبدء القبيح، مثاله: في قوله تعالى في سورة النور: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [النور:١٩]، فإذا به يقول: ((الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ))! أعوذ بالله! إنك غيرت المعنى، فهذا يسمى بدءاً قبيحاً.
وقد كنت أصلي المغرب خلف إمام فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:٦] فانقطع نفسه، فقال بعدها: ((وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ))، فجعل الحجارة هي التي عليها ملائكة نسأل الله العافية! فانظر إلى البدء القبيح كيف يغير المعنى، فلا ينبغي لإمام أن يبدأ بهذه الطريقة.