قال البخاري رحمه الله تعالى:[باب: ما ينهى عن الحلق عند المصيبة].
يعني: لا يكن سبب الحلق هو المصيبة.
قال رحمه الله تعالى: [قال الحكم بن موسى: حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن جابر: أن القاسم بن مخيمرة حدثه قال: حدثني أبو بردة بن أبي موسى رضي الله عنه قال: (وجع أبو موسى وجعاً فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً، فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة)]، والصالقة هي: التي ترفع صوتها بالبكاء عند حلول المصيبة، والبكاء مشروع، لكن بدون رفع الصوت، ولذلك كانت هذه وصية من أبي موسى رضي الله عنه؛ حتى لا يعذب بنياحتهم من بعد موته، والبخاري رحمه الله تعالى قد بوب باب: الميت يعذب ببكاء أهله إن كان نياحة، أو إن كان من هديه، أو لم ينه عنه ولم يوص بعدم فعله.
قوله:(أنا بريء)، وكلمة:(ليس منا) فيها عشرة أقوال للعلماء: فبعضهم قال: ليس منا، أي: ليس على سنتنا.
وقال بعضهم: إيمانه ناقص، أي: نفى عنه كمال الإيمان لا أصله.
وقال بعضهم: ليس منا، أي: إن فعل ذلك مستحلاً فقد كفر؛ لأن هذا الفعل حرام، فهو يحل ما حرم الله.
فهذه أقوال للعلماء في قوله عليه الصلاة والسلام:(ليس منا).
ثم قال عليه الصلاة والسلام: [(والحالقة والشاقة)].
والحالقة هي: التي تحلق شعرها، ولذلك تجد البعض قد يحلق شعره وهذا منهي عنه، جاء في صحيح مسلم أن من صفة الخوارج أنهم يحلقون رءوسهم، لذا فلا يجوز حلق الرأس إلا في حج أو عمرة، والحلق عند حلول المصيبة فيه إشعار بأنك تحزن بالحلق، وقد كانت النسوة تحلق رءوسها عند حلول المصيبة.
والشاقة هي: التي تشق جيبها، ولذلك برئ النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأعمال الثلاثة، والبخاري رحمه الله تعالى قد بوب باب:(ما ينهى عن الحلق عند المصيبة)، والنهي هنا للتحريم، إلا أن يأتي صارف يصرفه للكراهة.