قال البخاري رحمه الله:[باب صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز].
مذهب البخاري أن الصبي يقف بجوار الكبير في صلاة الجماعة وفي صلاة الجنائز، هذا الراجح، والبخاري في كتاب الصلاة في هذا الموضوع ساق أكثر من خمسة أحاديث ليدلل على هذا؛ منها أن ابن عباس قال: جئت وأنا غلام صغير أقترب من الحلم -يعني: لم يبلغ الحلم- والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي في منى إلى غير جدار، فاخترقت الصفوف وأنا أركب الأتان -والأتان: أنثى الحمار- فـ ابن عباس ركب الحمار ودخل بين الصفوف ووقف مع صفوف الرجال، فلم ينهه النبي صلى الله عليه وسلم رغم أنه صبي.
ثم ذكر حديث أنس قال:(صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم أنا وغلام يتيم ومن خلفنا امرأة) فالغلام وقف بجوار أنس، فهذه أحاديث ساقها البخاري في التدليل على أن الصبي يقف بجانب الكبير، وهذا هو الراجح؛ فإنه لا يتعلم الصبي الصلاة إلا من الكبير، ولكن الصف الأول لأولي الأحلام والنهى والحفظة، والصبي يقف في الصف الثاني والثالث، وأما حينما نجعل صفوف الصبية في الخلف فإن الصبية يلعبون فقط، ويفسدون علينا الصلاة، لكن إذا وقف بجانب الكبير يحترمه، وكلما ركع يركع مثله، ويعمل مثله، وهكذا في صلاة الجنازة الصبي يقف بجانب الكبير.
أيها الإخوة! لابد من تعليم الصبي الصلاة برأفة وحكمة.
ثم ذكر حديث ابن عباس:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر قد دفن ليلاً، فقال: متى دفن هذا؟ قالوا: البارحة.
قال: أفلا آذنتموني، قالوا: دفناه في ظلمة الليل فكرهنا أن نوقظك، قام فصففنا خلفه، قال ابن عباس: وأنا فيهم).
وفي الحديث: مشروعية الدفن بالليل، وابن عباس وقف مع صفوف الرجال وهو صغير، وهذا يسمى في علم النفس شعور للصبي بالمسئولية وتشجيعه وأنه أصبح في عداد الكبار، فيشعر أن له قيمة، وطبعاً لا يدخل المسجد إلا الصبي المميز لا غيره، فلا يصطحب الرجل الأولاد الصغار الذي يظن أنهم سيلوثون المسجد إما ببول أو غائط أو ريح أو ما أشبه ذلك، هذا لا يجوز، وهذا ليس معناه أن نفصل هؤلاء في مكان، فلا نحرم الأخت التي عندها طفل صغير من الدرس، فالطفل المميز والغلام المميز يقف بين الصفوف مع الرجال، وابن عباس كان غلاماً صغيراً فوقف بين الصفوف في صلاة الجنازة.