للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ما جاء في عذاب القبر]

قال البخاري رحمه الله: [باب ما جاء في عذاب القبر].

وهذا الباب نجعله في وجوه أهل الضلال الذين ينكرون عذاب القبر، حتى كتب أحدهم يقول: خدعوك عندما قالوا: عذاب القبر.

حتى استهزأ بعضهم من عذاب القبر.

أسأل الله أن يريه عذاب القبر، فهذا استهزاء بالشرع، ولذلك بوب البخاري في صحيحه ما جاء في عذاب القبر، ولفقهه العام جاء بآيات من القرآن قبل الأحاديث ليبين أن عذاب القبر ثبت بالقرآن، وهؤلاء يقولون: لا يوجد في القرآن عذاب القبر، ونحن نؤمن إيماناً جازماً بقول نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد كان يستعيذ في كل صلاة من عذاب القبر.

قال البخاري رحمه الله: [{إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} [الأنعام:٩٣]، قال: هو الهوان، {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة:١٠١]].

قال المفسرون: سنعذبهم مرتين، مرة في الدنيا ومرة في القبر، ثم يردون إلى عذاب عظيم في الآخرة.

قال البخاري رحمه الله: [{وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:٤٥ - ٤٦]].

ولم يأت البخاري هنا بقوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة:٢١].

و (من) بمعنى البعض، فهنا سيذوقون بعض العذاب الأدنى، والبعض الآخر في القبر، وسيكون العذاب الأكبر في الآخرة، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا، ومن فتنة الممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال، ومن عذاب جهنم وعذاب القبر).

فكان يستعيذ في كل صلاة من عذاب القبر، وقد مر على قبرين فقال: (هذان يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة بين الناس).

وقال: (لولا ألا تدافنوا -أي: يدفن بعضكم بعضاً- لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر).

فالأدلة على عذاب القبر لا حصر لها من القرآن والسنة.

وهؤلاء الذين يكتبون في إنكار عذاب القبر كتبهم تباع في الأسواق، ولقد رأيت كتاباً يباع مع موزع الأهرام عنوانه: هذا عذاب القبر خرافة.

والأمة لا ترد على هذا الكتاب، وكيف أعطي ترخيصاً بالطبع وهذا الكلام يناقض القرآن والسنة وأقوال العلماء من سلف الأمة؟ ولكن مؤلف الكتاب يفهم بطريقته الخاصة.

قال البخاري رحمه الله: [من حديث البراء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أُقعد المؤمن في قبره، أوتي ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فذلك قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم:٢٧]).

وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (اطّلع النبي صلى الله عليه وسلم على أهل القليب فقال: هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ فقيل له: تدعو أمواتاً؟ فقال: وما أنتم بأسمع منهم ولكن لا يجيبون).

ومن حديث عائشة رضي الله عنها قالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقوله حق، وقد قال الله: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل:٨٠])].

ومن حديث عائشة رضي الله عنها: (أن يهودية دخلت عليها فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر؟ فقال: نعم عذاب القبر.

قالت عائشة رضي الله عنها: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما يصلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر).

زاد غندر: (عذاب القبر حق)].

أي أن امرأة يهودية قالت لـ عائشة: أعاذك الله من عذاب القبر، فقد كانت اليهودية تعلم أن في القبر عذاباً وعائشة لا تعلم أن في القبر عذاباً، فسألت عائشة رسول الله عن عذاب القبر.

فقال: عذاب القبر حق.

قالت عائشة: (فما رأيته صلى صلاة إلا واستعاذ بالله من عذاب القبر).

صلى الله عليه وسلم.

اللهم إنا نسألك أن تؤمننا من عذاب القبر يا رب العالمين!

<<  <  ج: ص:  >  >>