[باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة]
قال البخاري رحمه الله: [باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة].
البصاق هو النخام، فهل البصاق والنفخ يبطلان الصلاة؟ مع العلم أن النفخ عند بعض الفقهاء حرفان ألف وفاء، والبصق حرف واحد وهو (خ)، فهل يبطل الصلاة؟ القول الراجح أن المصلي إذا تكلم بحرفين -وهو أقل الكلام- بيّنين واضحين بطلت صلاته، والنفخ والبصق ليسا من أعمال الصلاة.
فلو أن رجلاً يصلي وقال: آخ، فهنا تبطل الصلاة.
وهنا يقول البخاري: النفخ كالبصق، فطالما جُوّز البصق في الصلاة فيجوز النفخ وهو الراجح؛ لأن النفخ لا يبطل الصلاة كالبصق تماماً؛ لأن النفخ لا يعتبر حرفان إنما هو حرف واحد؛ لأن التأفف كلمة (أف) لا بد لها من فاء مشددة، أما النفخ فليس حرفين إطلاقاً.
مثلاً: رجل عنده انفلونزا فأخرج المنديل في الصلاة ثم امتخط أو تنخّم فهل تبطل الصلاة؟ لا تبطل؛ لأنه ما نطق إلا بحرف واحد وهو فاء الفعل.
قال البخاري: [ويذكر عن عبد الله بن عمر (نفخ النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده في الكسوف)]، ثم جاء بحديث ابن عمر: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على أهل المسجد)].
وفي الحديث: أن الذي تنخم واحد، ولكن لماذا تغيّظ على أهل المسجد؟ في الحديث: جواز إنكار المنكر على الواحد في المجموعة لأجل أن يعلم المجموعة نكارة الفعل، وهذه استنباطات للحديث استنبطها ابن حجر في الفتح.
قال: [(رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على أهل المسجد، وقال: إن الله قبل أحدكم، فإذا كان في صلاته فلا يبزقن أو لا يتنخمن، ثم نزل فحتها بيده صلى الله عليه وسلم)].
وفي الحديث: (البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها) فإن كان لا بد فاعلاً فليبزق عن يساره، فإذا أراد رجلاً أن يتنخم فليتنخم يساراً، إن كان المسجد تراباً أو حصى، ولكن لا يبزق على السجاد ويستدل بهذا، فهذا لا يجوز بحال.
إذاً: النخامة تجوز وأنت في الصلاة، ولكن لا تتنخم تجاه وجهك، وإنما عن يسارك كما قال صلى الله عليه وسلم.
ولما رأى صلى الله عليه وسلم هذه النخامة حكها بيده.
مداخلة: فإذا كانت النخامة أكثر من مرة، هل تبطل الصلاة؟ الشيخ: لا تبطل حتى وإن كانت عشراً، ولكن يجب أن تكون متفرقة؛ لأن إزالة النخامة لأجل الخشوع في الصلاة، شريطة أن تكون -مثلاً- في الركعة الأولى تزال نخامة والثالثة نخامة، لكن إزالة عشر نخامات في الركعة الأولى فهذا فعل متكرر في الركعة الواحدة وقد يبطلها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان يصلي على المنبر وهو يعلّم الصحابة الصلاة وقف على المنبر يصلي، وإذا أراد أن يسجد تراجع ونزل عند أول درجة فسجد، فإذا قام إلى الثانية ارتقى المنبر في كل الركعات ينزل ويرتقي.
قال ابن حجر: وفي الحديث بيان أن الفعل الكثير في الصلاة لا يبطلها إذا تفرق.
أي: في كل ركعة كان يفعل هذا.
قال: (إذا كان في الصلاة فإنه يناجي ربه، فلا يبزقن بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن شماله تحت قدمه اليسرى)].
رجل يصلي فرن هاتفه المحمول، فهل يتركه يفسد الصلاة على الناس أم يخرج الجهاز ويغلقه؟ يخرجه ويغلقه، فهذا عمل لصالح الصلاة، وليس ضدها، فكل ما يساعد على خشوع المصلي يجوز أن يعمل لصالح الصلاة، فلو أن رجلاً وقفت على جبهته ذبابة وهو يصلي هل يتركها أم ينتهي منها ويخشع؟ ينتهي ويخشع، فإن عادت أخرى ينتهي ويخشع، وهذا أمر مطلوب وهو لصالح الصلاة.
أما بالنسبة للبصاق فالنفخ كالبصاق، طالما جاز البصاق جاز النفخ؛ لأن النفخ كما قال الإمام مالك في المدونة: مكروه، لكنه لا يبطل الصلاة.
والنفخ أن ينفخ وهو ساجد أو راكع.