للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فوائد الحديث]

في الحديث فوائد: الفائدة الأولى: أن الشيطان يحاول أن يفسد على الإنسان صلاته، فعند النداء يدبر ثم يعود، وعند التثويب يدبر ثم يعود، ويذكره ما لم يكن يتذكر؛ لذلك كان بعض العلماء إن نسي شيئاً ويريد أن يبحث عنه دخل في الصلاة، فذكَّره الشيطان ما لم يكن يذكر بحال؛ لأن الشيطان يأتي للإنسان عند الصلاة ويعرض عليه أموراً كثيرة تذكره بأعماله، وهذا أمر موجود، لكن لا بد للإنسان أن يعقل ما يقرأ، وأن يدفع هذه الوسوسة قدر الاستطاعة، وهذا ليس معناه: أن هناك إنساناً يسلم منها، بل لا بد من وجودها، لكن ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها، وربنا أثنى على الخاشعين فقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:١ - ٢]، فالشيطان يُلبِّس على المرء في صلاته، فإذا لم يتيقن هل صلى ثلاثاً أم أربعاً فعليه أن يسجد سجدتين، وشرعت السجدتان ترغيماً للشيطان، فالسجود هو أكثر شيء يغيظ الشيطان، وقد جاء في الأثر: أن المسلم حينما يسجد يولي الشيطان مدبراً ويقول: أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار.

لأن الله حينما أمره أن يسجد لآدم أبى واستكبر، ورب العالمين يقول: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [البقرة:٣٤].

قال ابن عباس: السجود لآدم والطاعة لله، وفرق بين السجود للشيء والسجود إلى الشيء، فنحن الآن نسجد إلى الكعبة وليس لها؛ لأن معنى (إلى): جهة، أما آدم فكان السجود لشخصه ولتعظيمه وتكريمه، ففرق بين السجود إلى الشيء والسجود للشيء؛ ولذلك حينما يسجد العبد لربه عز وجل يغتاظ الشيطان.

وأحد الصحابة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مرافقته في الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: (أعني على نفسك بكثرة السجود)؛ ولذلك أفضل أركان الصلاة عند العلماء هو السجود: (فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء)؛ وذلك لأن الله يقول: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق:١٩]، فكلما سجد الإنسان زاد قرباً من الله سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>