١٨ - ومن فوائد الآية: أن منة الله علينا بإنزال الكتاب والحكمة أعظم من كل منة؛ يؤخذ ذلك من تخصيصها بعد التعميم؛ لأن التخصيص بعد التعميم يدل على أهميتها.
١٩ - ومنها: أن القرآن كلام الله؛ لقوله تعالى:{وما أنزل عليكم من الكتاب}؛ لأن ما أنزل الله إما أن يكون عيناً قائمة بنفسها؛ أو صفة قائمة بموصوفها؛ فأما الأول فمخلوق، كما في قوله تعالى:{أنزل من السماء ماءً}[الأنعام: ٩٩]، وقوله تعالى:{وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج}[الزمر: ٦]، وقوله تعالى:{وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد}[الحديد: ٢٥]؛ وأما الثاني فكقوله تعالى:{تبارك الذي نزل الفرقان على عبده}[الفرقان: ١]، وكما في هذه الآية:{وما أنزل عليكم من الكتاب}؛ وهذا يكون صفة لله عزّ وجلّ غير مخلوقة.
٢٠ - ومن فوائد الآية: أن شريعة الله عزّ وجلّ كلها حكمة؛ لقوله تعالى:{وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة}.
ويتفرع على هذه الفائدة فائدة أخرى: وهي أنه لا حاجة إلى أن نتعب أنفسنا في طلب الحكمة، أو أن نتمحل حكمة بعيدة قد تكون مرادة لله، أو غير مرادة؛ لأننا نعلم أن كل ما شرعه الله فهو لحكمة؛ ومن الحكمة امتحان العبد بالامتثال فيما لا يعلم حكمته؛ ولهذا لما سئلت عائشة - رضي الله عنها -: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت:«كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نقضي الصلاة»(١)؛ فجعلت الحكمة أمر الله، ورسوله؛ أما السؤال عن الحكمة من باب الاسترشاد