{١٦٠} قوله تعالى: {إلا الذين تابوا}: الاستثناء هنا متصل؛ لأنه استثناء من الكاتمين؛ يعني إلا إذا تابوا؛ و «التوبة» في اللغة الرجوع؛ وفي الشرع: الرجوع من معصية الله إلى طاعته؛ والمراد بالتوبة هنا الرجوع عن كتمان ما أنزل الله إلى بيانه، ونشره.
قوله تعالى:{وأصلحوا} أي أصلحوا عملهم {وبينوا} أي وضحوا للناس ما كتموا من العلم ببيانه، وبيان معانيه؛ لأنه لا يتم البيان إلا ببيان المعنى؛ {فأولئك} يعني الذين تابوا، وأصلحوا، وبينوا {أتوب عليهم} أي أقبل منهم التوبة؛ لأن توبة الله على العبد لها معنيان؛ أحدهما: توفيق العبد للتوبة؛ الثاني: قبول هذه التوبة، كما قال الله تعالى:{ثم تاب عليهم ليتوبوا}.
قوله تعالى:{وأنا التواب} صيغة مبالغة، ونسبة؛ لأن «فعال» تأتي للمبالغة، وتأتي للنسبة: فإن قيدت بمعمول فهي للمبالغة؛ وإن أطلقت فهي للنسبة؛ أو نقول: هي للمبالغة، والنسبة بكل حال إلا أن يمنع من ذلك مانع، كقوله تعالى:{وما ربك بظلام للعبيد} فإن هذه للنسبة؛ ولا تصح للمبالغة لفساد المعنى بذلك؛ لأنها لو كانت للمبالغة لكان المنفي عن الله كثرة الظلم مع أنه جل وعلا {لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة