يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً} [النساء: ٤٠]؛ وقوله تعالى:{التواب} تصلح للأمرين جميعاً؛ فهو سبحانه وتعالى موصوف بالتواب؛ وهو ذو توبة على جميع العباد؛ وكذلك موصوف بكثرة توبته سبحانه وتعالى، وكثرة من يتوب عليهم: كم يفعل الإنسان من ذنب، ويتوب، فيتوب الله عليه! وكم من أناس أذنبوا، فتابوا، فتاب الله عليهم! فلهذا جاء بلفظ:{التواب}.
وقوله تعالى:{الرحيم} سبق الكلام عليه؛ وجمع بين التوبة والرحمة؛ لأن بالرحمة يكون الإحسان؛ وبالتوبة يكون زوال العقوبة؛ فجمع الله بينهما؛ فهو يتوب؛ وإذا تاب سبحانه وتعالى رحم التائب، ويسَّره لليسرى، وسهل له أمور الخير؛ فحصل على الخير العظيم.
وفي هذه الآية التفات من التكلم إلى الغيبة في قوله تعالى:{إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى ... }[البقرة: ١٥٩]، وقوله تعالى:{أولئك يلعنهم الله}[البقرة: ١٥٩]؛ ولم يقل:«نلعنهم»؛ وللالتفات فائدتان:
الأولى: تنبيه المخاطب؛ لأنه إذا تغير نسق الكلام أوجب أن ينتبه المخاطب لما حصل من التغيير.
والفائدة الثانية: تكون بحسب السياق: ففي هذه الآية: {أولئك يلعنهم الله} الفائدة: التعظيم؛ لأن قوله:{يلعنهم الله} أبلغ في التعظيم من «أولئك نلعنهم»؛ لأن المتكلم إذا تحدث عن نفسه بصيغة الغائب صار أشد هيبة، مثل قول الملك: إن الملك يأمركم بكذا، وكذا؛ وأمر الملك بكذا، وكذا ــ ويعني نفسه.