قوله تعالى:{من حيث أفاض الناس} أي من المكان الذي يفيض الناس منه؛ وكانت قريش في الجاهلية لا يقفون مع الناس في عرفة - يقولون: نحن أهل الحرم فلا نقف خارج الحرم -؛ فأُمر المسلمون أن يفيضوا من حيث أفاض الناس - أي من عرفة -؛ هذا هو ظاهر الآية الكريمة؛ ولكنه مشكل حيث إنه ذُكر بعد قوله:{فإذا أفضتم من عرفات}؛ وأجيب عن هذا الإشكال أن الترتيب ذكري - لا ترتيب حكمي؛ بمعنى أن الله تعالى لما ذكر إفاضتهم من عرفات أكد هذا بقوله تعالى:{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} دون أن يكون المراد الترتيب الحكمي؛ ويحتمل أن يكون قوله تعالى:{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} أي أفيضوا من المشعر الحرام من حيث أفاض الناس؛ فيكون المراد بالإفاضة هنا الإفاضة من مزدلفة؛ وعلى هذا الاحتمال لا يبقى في الآية إشكال.
قوله تعالى:{واستغفروا الله} أي اطلبوا المغفرة منه؛ والمغفرة ستر الذنب، والتجاوز عنه؛ لأنها مأخوذة من المغفر الذي يوضع على الرأس عند القتال لتوقي السهام؛ وليست المغفرة مجرد الستر؛ بل هي ستر، ووقاية.