وظاهر الآية الكريمة على ما فسرنا أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتحداهم بأنه إن كانت الدار الآخرة لهم كما يزعمون فليتمنوا الموت لِيَصِلوا إليها؛ وهذا لا شك هو ظاهر الآية الكريمة؛ وهو الذي رجحه ابن جرير، وكثير من المفسرين؛ وذهب بعض العلماء إلى أن المراد بقوله تعالى:{فتمنوا الموت} أي فباهلونا، وتمنوا الموت لمن هو كاذب منا؛ فتكون هذه مثل قوله تعالى في سورة آل عمران:{فمن حاجَّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}[آل عمران: ٦١]؛ فيكون المعنى: تمنوا الموت عن طريق المباهلة؛ ورجح هذا ابن كثير؛ وضعف الأول بأنه لو كان المراد: تمنوا حصول الموت لكانوا يحتجون أيضاً علينا نحن، ويقولون: أنتم أيضاً إن كنتم تقولون: إن الدار الآخرة لكم فتمنوا الموت؛ لأن تحديكم إيانا بذلك ليس بأولى من تحدينا إياكم به؛ لأنكم أنتم أيضاً تقولون: إن الدار الآخرة لكم، وأن اليهود بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم في النار؛ فتمنوا الموت أنتم أيضاً، والجواب عن ذلك أنا لم ندع أن الدار الآخرة خالصة لنا من دون الناس؛ بل نؤمن بأن الدار الآخرة لكل من آمن وعمل صالحاً سواء كان من هذه الأمة أم من غيرها؛ وهذا المعنى الذي نحا إليه ابن كثير. رحمه الله. مخالف لظاهر السياق؛ فلا يعوَّل عليه؛ وقد عرفت الانفكاك منه ...
{٩٦} قوله تعالى: {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة}؛ اللام في {لتجدنهم} موطئة للقسم؛ والنون للتوكيد؛ وعليه تكون الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم، واللام، والنون؛ والضمير